أصحاب السبت . الأمة التي لم تصطاد السمك! 2024.

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين, رب الأولين والآخرين, وسلام على عباده الذين اصطفى, الله خير مما يشركون, ثم أما بعد:
حديثنا اليوم بإذن الله وعونه عن أصحاب السبت, تلك القرية التي قص علينا القرآن الكريم من نبأها, وكيف أنهم تعرضوا لعقاب شديد, وتوعد أشد باستمرار العذاب! لذا نتوقف مع هذه القصة لننظر ماذا فعلوا, لينزل بهم كل هذا العذاب والعقاب!

ذُكر هؤلاء المجرمون في أكثر من موضع في القرآن, وأول ذكرٍ لهم جاء في سورة البقرة, حيث قال الرب العليم:
" وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ الَّذِينَ اعْتَدَواْ مِنكُمْ فِي السَّبْتِ فَقُلْنَا لَهُمْ كُونُواْ قِرَدَةً خَاسِئِينَ [البقرة : 65]"
فهنا يقول الرب العليم أن العقاب الذي نزل بهؤلاء كان معلوما لليهود في زمن الرسول الكريم.

والذكر الثاني لهم كان في سورة النساء, حيث يقول الله تعالى:
" يَا أَيُّهَا الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ آمِنُواْ بِمَا نَزَّلْنَا مُصَدِّقاً لِّمَا مَعَكُم مِّن قَبْلِ أَن نَّطْمِسَ وُجُوهاً فَنَرُدَّهَا عَلَى أَدْبَارِهَا أَوْ نَلْعَنَهُمْ كَمَا لَعَنَّا أَصْحَابَ السَّبْتِ وَكَانَ أَمْرُ اللّهِ مَفْعُولاً [النساء : 47]"
فهنا نرى أن أصحاب السبت هؤلاء ملعونون! فلماذا لُعنوا, هذا ما سنراه بعد أن ننظر في كتاب الله!

ثم يأتي الذكر الثالث والأخير بالتفصيل في سورة الأعراف, والذي يقول الرب العليم الشهيد فيه:
"وَاسْأَلْهُمْ عَنِ الْقَرْيَةِ الَّتِي كَانَتْ حَاضِرَةَ الْبَحْرِ إِذْ يَعْدُونَ فِي السَّبْتِ إِذْ تَأْتِيهِمْ حِيتَانُهُمْ يَوْمَ سَبْتِهِمْ شُرَّعًا وَيَوْمَ لَا يَسْبِتُونَ لَا تَأْتِيهِمْ كَذَلِكَ نَبْلُوهُمْ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ (١٦٣) وَإِذْ قَالَتْ أُمَّةٌ مِنْهُمْ لِمَ تَعِظُونَ قَوْمًا اللَّهُ مُهْلِكُهُمْ أَوْ مُعَذِّبُهُمْ عَذَابًا شَدِيدًا قَالُوا مَعْذِرَةً إِلَى رَبِّكُمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ (١٦٤) فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ أَنْجَيْنَا الَّذِينَ يَنْهَوْنَ عَنِ السُّوءِ وَأَخَذْنَا الَّذِينَ ظَلَمُوا بِعَذَابٍ بَئِيسٍ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ (١٦٥) فَلَمَّا عَتَوْا عَنْ مَا نُهُوا عَنْهُ قُلْنَا لَهُمْ كُونُوا قِرَدَةً خَاسِئِينَ (١٦٦) وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكَ لَيَبْعَثَنَّ عَلَيْهِمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَنْ يَسُومُهُمْ سُوءَ الْعَذَابِ إِنَّ رَبَّكَ لَسَرِيعُ الْعِقَابِ وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ (١٦٧) وَقَطَّعْنَاهُمْ فِي الْأَرْضِ أُمَمًا مِنْهُمُ الصَّالِحُونَ وَمِنْهُمْ دُونَ ذَلِكَ وَبَلَوْنَاهُمْ بِالْحَسَنَاتِ وَالسَّيِّئَاتِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ (١٦٨) فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ وَرِثُوا الْكِتَابَ يَأْخُذُونَ عَرَضَ هَذَا الْأَدْنَى وَيَقُولُونَ سَيُغْفَرُ لَنَا وَإِنْ يَأْتِهِمْ عَرَضٌ مِثْلُهُ يَأْخُذُوهُ أَلَمْ يُؤْخَذْ عَلَيْهِمْ مِيثَاقُ الْكِتَابِ أَنْ لَا يَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَّ وَدَرَسُوا مَا فِيهِ وَالدَّارُ الْآَخِرَةُ خَيْرٌ لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ أَفَلَا تَعْقِلُونَ (١٦٩) وَالَّذِينَ يُمَسِّكُونَ بِالْكِتَابِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ إِنَّا لَا نُضِيعُ أَجْرَ الْمُصْلِحِينَ (١٧٠)"

فيأمر النبي الكريم بسؤال اليهود عن القرية التي كانت حاضرة البحر, وهذا يعني أنهم كانوا على معرفة بها! فماذا فعل هؤلاء اليهود ليستحقوا نزول هذا العذاب الشديد بهم؟
ننظر فيما قال الإمام الفخر الرازي عند تناوله لهذه الآيات, ليعطينا تصوراً عاماً عن آراء وأقوال المفسرين فيها, فيقول في تفسيره مفاتيح الغيب:

"الأكثرون على أن تلك القرية أيلة . وقيل: مدين. وقيل طبرية، والعرب تسمى المدينة قرية، وعن أبي عمرو بن العلاء ما رأيت قرويين أفصح من الحسن والحجاج يعني رجلين من أهل المدن ، وقوله : { كَانَتْ حَاضِرَةَ البحر } يعني قريبة من البحر وبقربه وعلى شاطئه والحضور نقيض الغيبة كقوله تعالى : { ذلك لِمَنْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِى المسجد الحرام } [ البقرة : 196 ] وقوله : { إِذْ يَعْدُونَ فِى السبت } يعني يجاوزون حد الله فيه، وهو اصطيادهم يوم السبت وقد نهوا عنه، (هل قالت الآية هذا؟!) وقرىء { يَعْدُونَ } بمعنى يعتدون أدغمت التاء في الدال ونقلت حركتها إلى العين و { يَعْدُونَ } من الأعداد وكانوا يعدون آلات الصيد يوم السبت وهم مأمورون بأن لا يشتغلوا فيه بغير العبادة و { السبت } مصدر سبتت اليهود إذا عظمت سبتها فقوله: {إِذْ يَعْدُونَ فِى السبت} معناه يعدون في تعظيم هذا اليوم، وكذلك قوله: {يَوْمَ سَبْتِهِمْ} معناه: يوم تعظيمهم أمر السبت، (………)
وقوله : { يَوْمَ سَبْتِهِمْ شُرَّعًا } أي ظاهرة على الماء وشرع جمع شارع وشارعة وكل شيء دان من شيء فهو شارع، ودار شارعة أي دنت من الطريق ، ونجوم شارعة أي دنت من المغيب . وعلى هذا فالحيتان كانت تدنو من القرية بحيث يمكنهم صيدها. قال ابن عباس ومجاهد: إن اليهود أمروا باليوم الذي أمرتم به، يوم الجمعة، فتركوه واختاروا السبت فابتلاهم الله به وحرم عليهم الصيد فيه وأمروا بتعظيمه، فإذا كان يوم السبت شرعت لهم الحيتان ينظرون إليها في البحر. فإذا انقضى السبت ذهبت وما تعود إلا في السبت المقبل. وذلك بلاء ابتلاهم الله به، فذلك معنى قوله: { وَيَوْمَ لاَ يَسْبِتُونَ لاَ تَأْتِيهِمْ } وقوله : { كذلك نَبْلُوهُم } أي مثل ذلك البلاء الشديد نبلوهم بسبب فسقهم." ا.هـ

فكما رأينا فالمفسرون يقولون أن عدوان اليهود كان باصطيادهم السمك في يوم السبت! ولكن لماذا كان الله الحكيم يرسل إليهم السمك في يوم السبت ولا يرسله في باقي الأيام -على قولهم-؟
يقول أحد المتناولين لهذه القصة:
"تتكلم قصة أصحاب السبت عن فريق من بني إسرائيل كانوا يسكنون قرية ساحلية، وكانوا يعملون بصيد السمك، فأراد الله اختبارهم فأمر الله السمك (الحيتان) بعدم الاقتراب من سواحلهم في أيام العمل الستة، بينما يكثر في يوم السبت وهو يوم يحرم عندهم فيه العمل، بل إن هذه الحيتان ( الأسماك ) كانت تظهر على الماء في يوم السبت إمعانًا في اختبارهم.
فما كان من هؤلاء القوم إلا أنهم شرعوا يحتالون الحيل، ورُوي أنهم كانوا يقيمون حواجز ( مصائد ) للسمك ليلة السبت ثم يجمعونه يوم السبت، أو أنهم كانوا يربطون السمك يوم السبت ويتركونه في الماء ثم يخرجونه ليلة الأحد أو نهاره (كما روى ابن إسحاق عن ابن عباس، وقال ابن كثير عن إسناده: إنه إسناد جيد).
" ا.هـ

فكما رأينا فأصحاب هذا التوجه يرون أن إتيان السمك كان ابتلاءً من الله العليم ابتداءً, ولما لم ينجحوا فيه عوقبوا هذا العقاب الشديد!
أما نحن فنقول أن هذا القول مخالف لما جاء في الآية, فالآية تقول أنهم لم يصطادوا السمك أصلا!! وحتى لا يظل القارئ في حيرة نقدم له فهمنا للآية.

الآيتان السابقتان لآية "واسألهم" هما قول العلي العظيم:
" وَإِذْ قِيلَ لَهُمُ اسْكُنُواْ هَـذِهِ الْقَرْيَةَ وَكُلُواْ مِنْهَا حَيْثُ شِئْتُمْ وَقُولُواْ حِطَّةٌ وَادْخُلُواْ الْبَابَ سُجَّداً نَّغْفِرْ لَكُمْ خَطِيئَاتِكُمْ سَنَزِيدُ الْمُحْسِنِينَ فَبَدَّلَ الَّذِينَ ظَلَمُواْ مِنْهُمْ قَوْلاً غَيْرَ الَّذِي قِيلَ لَهُمْ فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِجْزاً مِّنَ السَّمَاءِ بِمَا كَانُواْ يَظْلِمُونَ [الأعراف : 161-162]"
وكما رأينا, فالآيتان تتحدثان عن تبديل بني إسرائيل للقول الذي قيل لهم! فلقد أُمروا بشيء وفعلوا شيئا عند التنفيذ, فنزل بهم العذاب!
وآية سورة النساء تبين أنهم أُخذ منهم ميثاق غليظ على تنفيذ هذه الأوامر: وَرَفَعْنَا فَوْقَهُمُ الطُّورَ بِمِيثَاقِهِمْ وَقُلْنَا لَهُمُ ادْخُلُواْ الْبَابَ سُجَّداً وَقُلْنَا لَهُمْ لاَ تَعْدُواْ فِي السَّبْتِ وَأَخَذْنَا مِنْهُم مِّيثَاقاً غَلِيظاً [النساء : 154]
فلقد أُخذ منهم الميثاق الغليظ وأُكد أيما تأكيد على الطاعة وأن يدخلوا الباب سجدا وألا يعدوا في السبت! فبيّنت الآيتان السابقتان أنهم بدلوا, وبينت قصة أصحاب السبت أنهم عدوا في السبت[1], وهذا يعني أنهم خالفوا "كل" ما أمروا به!

———————————————————-
[1] الناظر في التوراة يجد أن ليوم السبت منزلة خاصة, فلقد جاء الأمر بالمحافظة عليه في الوصايا العشرة! فكان هو الوصية الرابعة, فجاء في الخروج ٢٠: ٨-١١ ترجمة كتاب الحياة: ﴿اذْكُرْ يَوْمَ السَّبْتِ لِتُقَدِّسَهُ، سِتَّةَ أَيَّامٍ تَعْمَلُ وَتَقُومُ بِجَمِيعِ مَشَاغِلِكَ، أَمَّا الْيَوْمُ السَّابِعُ فَتَجْعَلُهُ سَبْتاً لِلرَّبِّ إِلَهِكَ، فَلاَ تَقُمْ فِيهِ بِأَيِّ عَمَلٍ أَنْتَ أَوِ ابْنُكَ أَوْ ابْنَتُكَ أَوِ عَبْدُكَ أَوْ أَمَتُكَ أَوْ بَهِيمَتُكَ أَوِ النَّزِيلُ الْمُقِيمُ دَاخِلَ أَبْوَابِكَ. لأَنَّ الرَّبَّ قَدْ صَنَعَ السَّمَاءَ وَالأَرْضَ وَالْبَحْرَ وَكُلَّ مَا فِيهَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ، ثُمَّ اسْتَراحَ فِي الْيَوْمِ الْسَّابِعِ. لِهَذَا بَارَكَ الرَّبُّ يَوْمَ السَّبْتِ وَجَعَلَهُ مُقَدَّساً﴾ , والعجيب أن هذه الوصية هي أطول الوصايا, حتى أنها أطول من الوصية الأولى, التي تأمر بعبادة الرب وتنهى عن اتخاذ ما سواه آلهة! وربما يرجع طول هذه الوصية إلى الزيادة التبريرية المضافة في سبب تقديس يوم السبت!

لا إاله الا الله

اشتهر القوم في هذه القصه

يسلموو على الطرح

مشكوره غرور بنت السعوديه

شاكره لكم حضوركم
وجزاكم الله خيرا

تسلمى غرور

أطروحتك روعه

سلمت يمناكى

خليجية

جزاكم الله خيرا
لمروركم في صفحتي

يسلمووووووووغرووور

ويعطيك الف عافيه

ننتظرجديدك المميز

تح ــــــياتي لك

جزاكم الله خيرا
لمروركم في صفحتي

مشكووورة اختى على الطرح
وجزاكى الله كل خير
ط®ظ„ظٹط¬ظٹط© ط®ظ„ظٹط¬ظٹط©
ودى

شكرا لحضوركم وجزاكم الله خيرا

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.