حلٌٍقة بحثُ دور القيم والمشخص 2024.

دور القيم والمشخص
ثمّ لا يخفى أنّ الحضارة جوهرها القيم، فإنّ القيم المعنوية هي التي تدير الحضارة بصور مادّية مختلفة، فقيم الشيوعيين هي التي تدير الشيوعية، كما أنّ القيم الرأسمالية هي التي تدير الرأسمالية، وقيم الإسلام هي التي تدير بلاد المسلمين، والأمر كان كذلك من القديم، لأنّ الإنسان هو الذي أقامها، وإن كان ما يقدّمه الإنسان جوهره القيم، ولكنهّ ليس معزولاً عن الوجود المشخّص.
ومـن هنـا لـم تكـن القيم تنتمي إلى الإنسان فقط، بل إلى الوجود المشخّص أيضاً. إذ لا وجود بغير تشخّص، فإنّ الكلّي الطبيعي على اصطلاح المنطقيين هي الماهية بالوجود المشخّص كما قال الحاج السبزواري:
كليّ الطبيعي هي المهية***وجودُه وجودها شخصيّة(100)
فعلاقة الإنسان بالوجود، وعلاقة الوجود بالإنسان، وعلاقة الإنسان بالله سبحانه وتعالى إنّما تكون علاقة ذات بعدين: بعد التشخيص، وبعد الحقيقة.
والأخير هو الذي يحمل القيم ويسري إلى الوجود الشخصي. فالإنسان حقيقة وشخصية وقيم، والقيم مربوطة بكليهما، وهناك شخصية وهناك جماعة وهناك نوع وهناك جنس، ولكن الجماعة والنوع والجنس لا وجود لها بدون الأفراد.
ومن هنا كان لابدّ لنا أن نلاحظ هذه الأمور الأربعة، والقيم إنّما تكون منسوبة إليها جميعاً، فيقال قيم زيد وقيم الحزب الفلاني وقيم نوع الإنسان، وربما قيم نوع الحيوان، فإنّ للحيوان أيضاً قيماً يسير عليها مثل قيمة الغضب أو الرضى أو الشهوة أو ما أشبه ذلك، ممّا يشترك الإنسان والحيوان فيها، ولذا يقال الوجدان الفردي والوجدان الجماعي، والوجدان الجماعي عبارة عن مجموعة وجدانات فردية تهيمن عليها قيم واحدة.
ومن الواضح أنّ القيم غير النوع، كما أنّ النوع غير الجماعة، والوجدان هي المكوّنة في داخل الإنسان ممّا يعطي الإنسان القيم، والإنسان هو محلّ القيم، ولولا وجود الإنسان لما كان هناك شيء نسميه عالم القيم، إلاّ أن نوسّع في القيّم لتشمل الحيوان أيضاً على ما ذكرناه. ولولا وجود القيم لكان الإنسان في حالة طبيعية لا لون له. ولذا قال الله سبحانه وتعالى: ((صِبْغَةَ اللهِ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللهِ صِبْغَةً))(101)، والصبغة تكون في ظاهر الإنسان وفي باطنه.
مثلاً: صبغة الرحمة أو صبغة العنف، فإنّ النفس تتلوّن بهاتين الصبغتين ثمّ لهاتين الصبغتين مظهر في خارج الإنسان، حيث يكون الإنسان عنيفاً أو يكون في أموره رحيماً، ولذا قال الله سبحانه وتعالى: ((وَلَوْ كُنْتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ))(102) والفظّ في الظاهر، و غليظ القلب في الباطن، وقد ذكرنا في بعض كتب تفاسيرنا أنّ قوله سبحانه وتعالى: ((الرحمن الرحيم)) حكاية عن ظاهر الرحمة وباطن الرحمة مع أنّ الله سبحانه وتعالى ليس له نفس وظاهر بمعنى الإنسان، وإذا أردنا أن نقيس ذلك بالإنسان نجد أن بعض الناس يظهرون الرحمة ويبطنون الفظاظة، وبعض الناس باطنهم الرحمة أمّا ظاهرهم فالقسوة، وكلاهما خلاف موازين الإنسان والإنسانية، والله يريد أن يبيّن بقوله: ((الرحمن الرحيم)) حسب ما يستفاد من هاتين الكلمتين أنّه ظاهر الرحمة، وباطن الرحمة أيضاً، وفي التعبير العرفي يقال فلان رحيم القلب، ولا يقال رحمان القلب، وبذلك يظهر أنّ الحضارة مرتبطة بالوجدان، كما أنّ فلسفة التاريخ والروح العامة أيضاً كذلك، لكن ليس معنى ذلك أنّ الروح العامة لا تظهر في المظهر، وإلاّ فمن الواضح أنّ الروح العامة تظهر في مظهر كلّ فرد فرد، وجماعة وجماعة، وأمّة وأمّة، وهكذا.
علاقة الوجدان الاجتماعي بالله سبحانه
إنّ الوجدان الاجتماعي لا يتحقّق في الإنسان إلاّ بالأمور الخارجة عن ذاته وبتفكيره، بالإضافة إلى عوامله الفطرية، مثلاً الوجدان الصحيح إنّما يتكون بعامل الدين، ونتيجة اعتقاد الإنسان بالله الرقيب عليه الذي بيده نفعه وضرّه، وبإيمانه باليوم الآخر حيث يحاسب عليه، وإحساس الإنسان الفطري بذلك.
أمّا ما يقوله بعض الفلاسفة من أن مصدر القيّم الصحيحة والوجدان هو الذات فقط، فهو غير تامٍ، إذ كيف يمكن للوجدان أن يتحقّق بدون الإيمان بالله واليوم الآخر. والعقل وإن كان ينادي بالأشياء الحسنة وترك الأشياء القبيحة، إلاّ أنّه محدود إذا لم يكن هناك ضوء من الخارج، وخوف من الله سبحانه وتعالى، لم يتمكّن العقل من القيادة، ولهذا نشاهد أنّ العقلاء دائماً في العالم موجودون، ومع ذلك تقع المظالم التي لا حدود لها، وقد اعترف بذلك حتّى كبار العلمانيين، ففي كتاب نصر بلا حرب، الذي كتبه نيكسون(103)، الرئيس الأسبق للولايات المتّحدة، جاء فيه هذا النصّ: لقد نهض بتأسيس أميركا أفراد كانوا ينشدون الحرّية الدينية، وأرادوا أن يكون لهم حقّ عبادة الله بطريقتهم الخاصّة، وأن يبحثـوا عن معنىً للحياة حسب شروطهم الخاصّة. وعلينا ألاّ نغفل عن هذا المبدأ الموحى من مبادئ بلادنا، وعلينا ألاّ نسمح لمنافستنا مع موسكو بأن تنحدر، وتصبح سباقاً بين الطرفين على أيّهما يستطيع إنتاج أكبر عدد من القنابل، وأطول العمارات، وأعلى معدّل للدخل الفردي من الناتج القومي الإجمالي، فإنْ كانت الثروة المادّية هـي هدفنـا الوحيد، لـم نختلف فـي شيء عن الشيوعيين. علينا أن نصغي إلى التحذير الذي ساقه ماركس، وكون المادّية مخرّبة أنانيّة تصبغ الروح البشرية بالبيروقراطية في قفص حديدي نقدّمه إلى الغرب. علينا أن نوجّه المنافسة الأمريكية ـ السوفياتية إلى اتّخاذ طريق الحوار حول أفكار الطرفين وأيّتها تسفر لا عن أقوى أو أغنى اقتصاد فحسب، بل تسفر كذلك عن أعدل المجتمعات، والشيوعيون ينكرون وجود الله، ولكنْ ليس هناك من منكر أنّ الشيوعية عقيدة، وفي اعتقادنا أنّها عقيدة زائفة، ولكنّ الردّ على العقيدة الزائفة لا يمكن أبداً أن يكمن في إنكار العقيدة، وإنّما كانت أميركا ضعيفة، وفقيرة، منذ مائتي سنة مضت، كانت عقيدتنا هي التي أبقت علينا، ونحن ندخل القرن الثالث، ونستقبل الألف سنة المقبلة، أن نعيد اكتشاف عقيدتنا، وأن نبثّ فيها الحيوية إلى آخر كلامه.
ولكن يضاف إلى ذلك أنّ العقيدة المسيحية التي كانت عقيدة آباء الأميركيين والأوربيين لم تتمكّن من ردّ الشرور، ولهذا أقاموا الحربين العالميتين في أقلّ من نصف قرن(104)، بالإضافة إلى المليارات من المشاكل الفردية والجماعية التي تموج فيها أميركا وأوربا، ولا علاج إلاّ بالرجوع إلى الإسلام. والإسلام هو ما تدعو إليه المسيحية الصحيحة التي تناسب الوقت الحاضر. ولذا ورد أنّ (الأنبياء أُخوة من أمّهات شتى)(105). وورد في القرآن الكريم: ((قُولُوا آمَنَّا بِاللهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالأسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَمـَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِـنْ رَبِّهِـمْ لاَ نُفَرِّقُ بَيـْنَ أَحَـدٍ مِنْهُـمْ وَنَحْنُ لـَهُ مُسْلِمـُونَ))(106). إذ المسيحية بدّلت وغيّرت كثيراً من مفاهيم المسيح (ع)، فهل قول المسيح المشهور: (إذا ضُربت على خدّك الأيمن فمدّ له خدّك الأيسر، وإذا سلبك العدو شيئاً أعطه شيئاً آخر)(107)، هو المطبّق في الغرب المسيحي، وإذا كان الأمر كذلك فلماذا الاستعمار والاستثمار؟ ولماذا فـي أميركا وحدها فـي الحال الحاضر يوجد 30 مليون فقير كمـا صرّحوا هم بذلك؟ ولماذا؟ ولماذا؟ وما أكثر هذه التساؤلات.
لا يقال: إنّ الرجوع إلى المسيحية الموجودة كاف.
لأنّه يقال: المسيحية حُرّفت، والتحريف هو سبب المشاكل التي لا تعدّ، إضافة إلى أنها تلبي بعض الحاجات، وتغطي بعض الجوانب، ولذا أصبح دين الإسلام كصيغة متكاملة وصحيحة خاتمةً للأديان.

حلٌٍقة بحثُ دور القيم والمشخص

يسلمو سكران

ودي

يسآـموَ تيموَريـةَ ع آلـمرورَ

ط®ظ„ظٹط¬ظٹط©

يسآـموَ بسآمَ مروركَ إنيق

ط®ظ„ظٹط¬ظٹط©

سلمت .. ودام ابداعك
ط®ظ„ظٹط¬ظٹط©ط®ظ„ظٹط¬ظٹط©
ط®ظ„ظٹط¬ظٹط©

يسآـموَ ميسوَ مروركَ أنيق

وَدي (~ ط®ظ„ظٹط¬ظٹط©