تخطى إلى المحتوى

موعد مع الحبيب . 2024.

ها قد وصلت أخيرا …اعذرني حبيبي لأني جعلتك تنتظر…لكن ما باليد حيلة , فأنت تعرف المواصلات في هذه المدينة..ركبت حافلة …. و أخرى…..مشيت أميالا بعدها ..حتى أن قدمي تورمتا باستعجالي للوصول إليك ..

لا تقلق … اعتدت ذلك … فهذا حالي كل يوم….

و الآن أخبرني : كيف حالك ؟ .. لا سأبدأ أنا….. كالعادة… و سوف أقول لك الحقيقة..لم آتي اليوم كعادتي كي تفرح بقدومي…و أفرح…

أتيت لأصب كل غضبي عليك….أود صفعك….ضربك…و حتى قتلك….ماذا تريد أن تسمع…

اعذرني لأنني لم احضر الولد معي لتراه….لقد اشتاق إليك كثيرا..و البارحة كان يومه الأول في المدرسة..

اشتريت له قميصا جديدا و بنطالا و حذاء…و حقيبة صغيرة يحملها بيده الناعمة كغصن غض طري… يا فرحتي …. ما أجمله و هو ذاهب إلى المدرسة ….

نسيت أن أقول لك … سيتعلم في مدرستك التي درست فيها صغيرا….فذاك الشبل من ذاك الأسد… ليته يكون مثلك…

رفض الذهاب في بادئ الأمر لكنه اقتنع بعد أن عرضت عليه إيصاله إلى صفه…أطفال كالزهور …كلهم في عمر واحد…وصوت بكائهم….ضحكنا كثيرا….و تذكرنا يوم كنا في عمرهم….

جلس في مقعده مستغربا …. لكنه سرعان ما بدأ باللعب مع الأطفال …يبدو إن ذلك قد أعجبه…أطفال كثر …لعب و مرح…..تركته و عدت للبيت….

تذكرت في طريقي يوم ولادته… بكاءه ….ابتسامته الأولى …و ها هو اليوم يذهب إلى المدرسة…. يلعب مع الأطفال … يغني… يرسم…

آه من الأيام كم تمضي بسرعة….

ساعات قليلة لكنها مرت كدهر طويل …فهي أول مرة يفارقني كل هذا الوقت…بقيت أنتظره على باب البيت…أحسست أن عقارب ساعتنا تمشي للوراء…فحصتها أكثر من مرة…ضحكت علي جاراتي …وقالوا إنهم كانوا مثلي ….لكنهم تعودوا غياب أولادهم الآن….لا أتخيل نفسي أتعود غيابه….

و ها قد أتى …يبكي…بكيت معه…سألته عن سبب بكاءه….

أنا جائع يا أمي… و أنت تعرف مدارسنا ….لو مات الطفل جوعا لن ينتبه إليه أحد ….

جهزت طعامه… جلست بجانبه…صار يقص لي بطولاته وماذا فعل مع رفاقه في المدرسة…..لعبنا … رسمنا…قفزنا …. علمونا حرف الألف يا أمي…

سألتنا المعلمة عن كلمة تبدأ بحرف الألف …رفعت يدي قبل الكل…

أبي …فهي تبدأ بحرف الألف…فرحت المعلمة و صفق لي رفاقي….

امتلأت عيناي بالدموع … ليتك رأيته….ليتك…

تخيلته و هو يقص بطولاته ..كعنترة و هو يستل سيفه..أبا زيد الهلالي …لا بل أكبر و أكبر….لا والله لم أتخيله إلا و هو يصبح مثلك … أنت وحدك…..فمن هو عنترة و من هو أبو زيد….

ارتفعت حرارته ليلا ً…. لا تقلق ….فأنت تعرفني لم يغمض لي جفن ٌ…وضعت له الكمادات و أعطيته خافضا للحرارة و ارتاح بعدها و نام …لا تلمني لأني لم آخذه للطبيب…تعودنا على أطباء هذا الزمن …همهم الأول المال …فهم لا ينظرون للمريض كانسان..بل قطعة نقدية ستدخل جيبهم…و ماذا كان سيعطيه…كمادات…خافض حرارة… اعتدنا وصفاتهم …حتى أن جارتنا حفظت أسماء الأدوية التي يصفونها لأطفالنا…لكنه بخير الآن… تركته عند أختي لتعتني به في غيابي….

تريد الحقيقة .. لم يكن معي ما أدفعه ثمنا للعلاج…

مسحت دمعتها و أكملت الحديث….

أصبحت الحياة صعبة…الغلاء في كل مكان….ما كان يكفي إطعام عائلة لم يعد يكفي لشراء ربطة خبز..

تعبت يا حبيبي…. نعم تعبت…

جل يومي أقضيه بحثا عما يسترني مع ابني في بيتنا الصغير….و هل أقول لك ماذا كنت أعمل …حسنا….مديرة بنك…موظفة …معلمة ….لا طبعا….

أقضي يومي كله أنظف بيوت الناس….أحضر الطعام لبعض العائلات…و أغسل صحونهم…..أحمد الله أن الدنيا ما زال فيها خير كثير…

و أولاد الحلال كثر…لكن……………………..أولاد الحرام أكثر….

تعرضت لمضايقات كثيرة…أهانوني….حاولوا…. أغروني بالجاه…بالمال… لكن حبي لك كان أكبر لم أضعف … ولم أنسى حبك للحظة واحدة…..لم يلمسني أحد قبلك…. و لن يفعلها أحد بعدك…فأنا لك وحدك….و لغيرك….لا …لن أكون….

ماذا تريد أن تسمع أيضا…قل لي… فاليوم لن أسكت ….سأخبرك بكل شيء ….

أخوتك…ليتهم لم يكونوا أخوتك…..حتى إنني لا أصدق إنكم من أم واحدة …

أ تدري لماذا….لأنني لم أرى منهم إلا كل حقد و بغض…كأنني أنا كنت السبب….

أتاني أحد الجيران يطلب ما له من دين عندي ….و هددني…..حقه … لكن صدقني لم يكن معي….احترت ماذا أفعل ….لجأت إلى أخيك الأكبر…

هل أقول لك ما الذي أعطاني إياه….طردني من منزله ككلب مشرد…..

أما الأصغر …لا و الله لم يكن مثله….كان يزورنا بين الحين و الآخر….ساعدنا كثيرا….لولاه لا أعرف ما الذي كنت سأفعله….صرت أشتاق إليه …أ تدري لماذا…لأن فيه من رائحتك و كما قلت لك من قبل فيه شبه منك….

حتى أتى ذلك اليوم……لم أعرف أن الإنسان يتحول لوحش في لحظة…اتصل يطلب أخذ ابننا إلى بيت عمته….أتى و أخذه…لكنه ….عاد بعد قليل …..

طلب مني ….لا أستطيع قولها…..لكنه فعل…..طردته من البيت….و جلست أبكي عما فعلته أنت بي ….و كيف تركتني بينهم…

لم أخبر أحدا بما جرى لأنني أعرف الناس ..فهم يبحثون عن شيء للحديث عنه…..

لم أرى أخوتك منذ زمن بعيد ….لكني سعيدة بذلك ….فبعدهم أفضل من نواياهم القذرة…

هناك شيء واحد أعيشه بفرح و أشتاق إليه في غيابك…النوم على سريرك….رائحة عطرك ما زالت تفوح منه….و وسادتك…فيها من رائحة شعرك الجميل…….

أضع رأسي عليها … أستعيد ذكرياتي معك…أنام على سريرك …لأحلم بك….

أحلم بلقائنا الأول….عيناك…نظراتك….أول لقاء خرجنا فيه معاً …يوم أمسكت يدي….

حرارة يدك …التي ألهبت جسدي كله….رجفة…قشعريرة…حمى…..لا أدري كيف أصفها…

أحلم بك يوم أتيت لخطبتي…. و أضحك من كل قلبي…وضعت الملح في فنجان قهوتك … كدت تبصق رشفتك الأولى …لكنك لم ترد إضحاك أمي على فعلتك….

أحلم بأيام الخطوبة… و كيف كنت تسرق القبلة مني كلص خوفا من أبي…

و ليلة زفافنا………… فستاني الأبيض…لن تعرف ما كنت أشعر به …

فنحن النساء كلنا مجانين ..و أن لم نكن …..فإننا ننسى عقولنا إذا فكرنا بفستاننا الأبيض..و الفارس الذي يأتي على حصانه الأبيض….و يخطفني من بين كل نساء الدنيا…فأنا فتاة أحلامه….الأميرة لا بل الملكة يا سيد مملكتي…

مسحت دموعها ….سكتت لبرهة….أخمدت نيران غضبها …

سأعود غدا لنكمل حديثنا …فقد تأخرت على ابننا

غدا مثل كل يوم في نفس الموعد….

ودعت حبيبها ….

وضعت وردة على قبره و مشت…………
مما تأثرت به القيثارة
بتمنى تكون بداية جيدة

تح ــــــيتى….

هلا

اسيره

تسلمي على عذب الخواطر

يعطيك العافية اختي اسيرة دموع على الخاطرة الرائعة
تنقل للقسم المناسب

مشكورين ع المرور منورينوالله

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.