الورقة 2024.

كم هى مضطربة اليوم، آخر امتحان فى آخر سنة من سنوات دراستها الجامعية، ليست خائفة، وهى من تعودت على التفوق منذ صغرها، لكن الأيام القادمة تمثل لها علامة استفهام كبيرة، ستتخلى فيها عن كل ما تعودت عليه فى سنواتها الماضية، وما أصعب أن تتخلى عن كل ما أسعدها يوما. تعلم هى أن المستقبل قد يحمل لها أياما أخرى سعيدة، ربما أسعد من حاضرها وربما……. وهذا ما كان يقلقها

دخلت قاعة الامتحان، وها هى ورقة الأسئلة بين يديها، تعرف جميع الاجابات لكن حاجزا غير مرئى من القلق يحول بينها وبين تلك الاجابات التى تراها فى عقلها، وقيدا رفيعا من التوتر يمنع قلمها أن يثرثر مع ورقة الاجابة. أفكارها تعدت تلك الساعات الثلاثة التى تفصلها عن المجهول، أحلامها التى لم تكن تسمح لها بتعدى فراشها غزت يقظتها فى تلك الدقائق، وأفاقت على صوت بجانبها
ما أخبارك؟ لا صعوبة فى الأسئلة، الامتياز فى انتظارك
نظرت الى استاذها الواقف بجوارها، بادلته ابتسامة بلا معنى، لاحظ ان ورقة اجابتها بيضاء
لا تضيعى مزيدا من الوقت فى قراءة الاسئلة ، ابدئى الاجابة، الا تتوقين للاستمتاع بالاجازة؟
ومضى يتفقد باقى زملائها

تحسست الورقة المختفية بين طيات ملابسها، وتعالت نبضات قلبها تسألها فى انفعال

ماذا لو كان رأى تلك الورقة؟ الا يهمك كيف يكون وقعها عليه؟ ماذا سيظن عنك؟ الا يمكن أن تهدمى الصورة الجميلة التى رسمها عنك طوال تلك السنوات؟

أثناء خروجه من القاعة أعاد المرور عليها
لا تخشى أن تبتعدى عنا، مكانك بيننا هنا، أمام الطلبة وليس بينهم
نظرت اليه ثانية، وبادلته ابتسامة كلها معانى

ومضت الساعات وتخلت ورقة الاجابة بين يديها عن بياضها وازدانت بكلماتها المنمقة المنسقة كعادتها دائما
وخرجت من القاعة سعيدة، تحسست الورقة المختفية مرة أخرى اطمأنت لوجودها، وكأنما همست لها