عبد الناس في بلاد الإغريق ربة الجمال والحب (فينوس) إلى أن شبّت ابنة الملك, فخفقت بحبها قلوبهم, وآثروها بعبادتهم دون (فينوس). ولم تقبل (فينوس) هذه الإهانة, فطلبت من ابنها (الملاك كيوبيد) الصغير أن يقتل غريمتها ابنة الملك هذه التي أهانت بجمالها كبرياء أمه. لم يستطع أن يقول لا, فالأوامر هي الأوامر. فامتشق الملاك (كيوبيد) قوسه الذهبي ومضى إلى قصر الملك في طريق حفّت به الورود متسائلاً: لماذا عليّ أن أقتل فتاة بريئة؟ كل ذنبها أن الله وهبها جمالاً يفوق جمال أمي فأحبّها الناس. وعزّ عليه أن يحّول هذا القصر إلى جحيم يعجّ بالجريمة. فجلس تحت سوسنة شارداً يتأمل السماء. وفجأة صدح بلبل يغرّد في هدأة الليل الفضي, فانتفض الإله الأصغر, وحمل قوسه وسهامه, ومضى ليقتل أو يثأر لجريمة لم تعلم بها الضحية ولم ترتكبها, شأنها في ذلك شأن كثير من الفتيات اللواتي يذبحن بحجة الدفاع عنه الشرف (وغسلاً للعار) في حين كثيراً ما أثبت التحقيق والتشريح أن الكثير منهن لم يكنّ كذلك, وأن القضية كانت قضية شك وأقوال وأوهام, ثم إذا كانت البشرية ـ اليوم ـ لا تعيش شريعة الغاب.. فلماذا لا يترك للقانون وللقضاء وللتحقيق أن يأخذ مجراه وتطبيق الدولة حكم العدالة حسب الشرائع المنصوص عليها؟ هل يمكن للإنسان أن يتصور مجتمعاً كل فرد يأخذ فيه حقه بيده, ويقرر هو وعلى مزاجه نوعية العقوبة وكميتها؟
وحاول كيوبيد الملاك أن يعود عندما وصل إلى أسوار القصر متسائلاً: لماذا أقتل؟ لماذا أرتكب جريمة؟.. لكن صوت أمه الهادر بالثأر كان أكبر من مناجاة نفسه:
(أيرضيك يا بنّي أن أكون بين آلهة الأولمب نكرة, فيقولون: ها هي ذي فينوس التي أذلّت كبرياءها امرأة؟!) وبرفتين من جناحيه الصغيرين صار في غرفة ابنة الملك النائمة.. وتقدم نحوها, لكن ماذا رأى؟!.. يا للجمال المتمدد فوق السرير!,, ويا للسحر الذي يهيم فوقها ويبث فيها روحه. لكن (ديانا) ربة القمر سرعان ما أرسلت شعاعها فوق وجه الفتاة النائمة رسولاً ليقول للملاك الصغير (مكانك أيها الرامي الحبيب ماذا جنى عليك هذا الحسن لتجرعه كأس الموت.. افتح له ما انغلق من قلبك تنعم به, فإنك لن تجد بين ربات الأولمب من تخلص لك الحب كما تخلصه لك هذه الفتاة النائمة, فطبع على الوجه الرقيق قبلة, وعاد أدراجه عاشقاً مسلوب الفؤاد ولا يبالي بسخط فينوس أمه, وعندما تنفس الصبح وهبت الأرواح النائمة, أقبلت (فينوس) لتستمع إلى النادبات النائحات في قصر الملك يعلن موت ابنة الملك, لكنها رأت غريمتها ترقص في حدائق القصر على أناشيد عرائس الماء, فغضبت ونادت بالويل والثبور على ولدها (كيوبيد) وعظائم الأمور على الفتاة (ابنة الملك) فسلطت عليها الأشباح تروعها, وأغرت الخفافيش لتنهش جسمها فألقت الفتاة بنفسها في البحر تريد الانتحار. لكن (كيوبيد) توسل إلى صديقه إله الريح الجنوبية, فحملها على طيف نوراني إلى جزيرة بعيدة. وعندما استفاقت اعتقدت أنها قد ماتت فعلاً, لكنها ـ في الحقيقة ـ دخلت الجنة, وكان فتاها الملاك الصغير (كيوبيد) يأتي لزيارتها ليلاً من بطش أمه, ويغادرها حين تعود (القُبرّة) معلنة قدوم الصباح, فكانت الفتاة قانعة لا يضيرها ألاّ تعرف مَنْ هذا الحبيب الوفي؟ ولا ما يكون اسمه؟..
لكن (فينوس) ربة الحب والجمال قررت أن تلاحق غريمتها حتى في منفاها, فأرسلت إليها (الآلهة الخفية) في زورق جميل. وعندما شاهدتهم (ابنة الملك) عانقتهم عناقاً حاراً, فهم من الوطن الحبيب, وفيهم رائحة الأهل والأصدقاء. فاستضافتهم وأدخلتهم (هيكل الحب), وقصّت عليهم قصة الحبيب المجهول الذي لا يأتيها إلاّ ليلاً. فقالوا بعد أن جعلوها تثق بهم, لكن كيف تطمئنين يا أختاه؟.. ألا تخافين أن يكون هذا الحبيب غولاً؟ لماذا إذن يأبى عليك أن تنظري إليه؟ إليك هذا الخنجر انتهزي فرصة نومه وأغمديه في قلبه واستريحي منه, وعودي معنا إلى أرضك فالجميع مشتاقون إليك.
فلما جنّ الليل نهضت إلى مصباحها, فأوقدته وإلى خنجرها فشرعته وذهبت تنظر إلى الحبيب النائم, فرأت أجمل مخلوق على وجه الأرض, فاهتزّ المصباح في يدها.. وفتح الملاك الصغير عينيه, فرأى الخنجر المرهف في يمين حبيبته.. فصرخ: يا للهول (حتى أنت يا حبيبي) فقفز قفزة هائلة ورفّ بجناحيه الصغيرين وقال: وداعاً.. يا من كنت أحب.. وداعاً لالقاء بعده. وما كاد يخرج حتى امتلأ المخدع أرواحاً شريرة طفقت تهاجمها, وتنفث الموت الأسود في كل مكان, وهرعت إلى الخارج مستنجدة بالسماء. فوجدت سحباً قاتمة تنعقد في المشرقين والمغربين.. فهربت إلى رؤوس الجبال خوفاً وذعراً.. فالتقت بإله الصيد الذي دهش من حسنها وجمالها. وعندما شكت إليه هالها قوله: (تعسة أنت يا غريمة فينوس.. إن ثأرها لعظيم). فأجابت وفي عينيها الدموع: (غريمة فينوس, مالي أنا ولفينوس لتثأر مني!) فقال (جمالك وحسنك جنى عليك.. لقد صرف الناس عن ربة الجمال والحب إلى عشقك, واليوم لا تلهج ألسنتهم إلاّ باسمك أيتها الشقية).
ربّاه متى كان الاسم سبباً للقتل؟! ومتى كان الحسن والعلم والأخلاق هدفاً للثأر؟ وبأي شريعة يحكم على الإنسان بالموت فقط لأنه الأفضل والأكمل؟ما أعجب الإنسان وما أعجب ثأره! هذا هو لم يتغيّر منذ عهود الوثنية.. يقتل لأجل القتل أناس لا ذنب لهم سوى أنهم (الآخر).
إذا كان الزمان زمان عُكً / وسوَّد كلَّ ذي حُمْقٍ جَهُولِ
فإن أحببتم فيه ارتفاعاً / فكونوا جاهلين بلا عقول
إن النساء شياطين خلقن لنا / نعوذ بالله من شرَّ الشياطين
فهنَّ أصل البليات التي ظهرت / بين البرية في الدنيا وفي الدين ( علي جاندان )
العباده الاغريقيه
سلمت يدك خيوو
طرح رائع
الرجاء نقله للقسم المناسب
يسسسسسسسسسلمو خيو مننحرمش جديدك
ودي
تم نقل الموضوع للقسم المناسب
قسم الحضارات القديمه
احترامي لشخصك