تخطى إلى المحتوى

ايليا أبو ماضي اجمل قصائده – صور ايليا ابو ماضي 2024.

بسم الله الرحمن الرحيم

خليجية

حياته

ولد أبو ماضي في المحيدثة – بكفيا في 8 نيسان 1888. ثمة مراجع تفيد ان ولادته تمت في 21 أيار 1890. لكن تاريخ سفره من لبنان الى الاسكندرية عام 1901 للعمل في متجر خاله، اضافة الى إصداره باكورة دواوينه "تذكار الماضي" عام 1910، يعززان الاستنتاج أنه مولود في 1888، إذ لا يعقل أن يهاجر طفل من قرية لبنانية ليعمل في مدينة مصرية وهو في الحادية عشرة، ناهيك بإصداره ديواناً وهو في الحادية والعشرين. على ذكر الديوان، فإن أبو ماضي نشر معظم قصائده في بعض الصحف الصادرة في الاسكندرية والقاهرة، منها "العلم" و"الاكسبرس". وحشر الباحثون اسم مجلة "الزهور" الادبية التي أصدرها أنطون الجميّل وأمين تقي الدين في القاهرة، في لائحة الدوريات التي نشر فيها أبو ماضي قصائده خلال اقامته في الاسكندرية، من غير أن يكحّلوا عيونهم بصفحات أعدادها. ولو فعلوا ذلك، لتبيّن لهم ان قصيدة "لكن مصراً" التي دشّن بها مساهماته القليلة في "الزهور" بعث بها من الولايات المتحدة بعد عام من هجرته اليها.
استقر أبو ماضي في سنسيناتي أوهايو ليساعد أخاه مراد في العمل التجاري. في المناسبة، كان مراد قدوة لإيليا في الكتابة والتجارة، لكن حتى عام 1917 حين انتقل من أوهايو الى نيويورك، ومن التجارة الى الصحافة ليعمل نائباً لرئيس تحرير جريدة "مرآة الغرب". هنا، أصاب أبو ماضي عصفورين جميلين بحجر واحد. فهو، من جهة، طلّق التجارة بالثلاث لأنها تتناقض تماماً مع "النظم والنثر" على حد تعبيره، متبعاً خطى العديد من الشعراء الخلاّقين، من أمثال الأخطل الصغير الذي اصدر جريدة "البرق"، وأمين نخلة مالك جريدة "الشعب" ورئيس تحريرها. ومن جهة أخرى، "اضطرته" الصحافة الى خوض غمار النثر أسوة، أيضاً، بجلّ الشعراء كالياس أبو شبكة وسعيد عقل. في المناسبة، فإن نثر الشعراء، ومنهم أبو ماضي، لا يقل روعة عن شعرهم.

ومن ايجابيات الصحافة بالنسبة الى ابي ماضي، انها كانت أحد اسباب طلاقه للعزوبية. ذلك ان سعيدة الحظ، دورا، هي ابنة صاحب "مرآة الغرب" ورئيس تحريرها نجيب دياب. وكان له قرص في عرس "الرابطة القلمية"، على تأكيد أحد أركانها عبد المسيح حداد صاحب جريدة "السائح". لكن عضويته في الرابطة لم تحصل عام 1920 كما ينوّه دارسوه، بل عام 1916. ذلك ان الرابطة لم ترَ النور عام 1920 كما يوحي ميخائيل نعيمه في كتابه "سبعون"، بل عام 1916، على ما تؤكد مقالات فرسانها وقصائدهم، ونعيمه لم يكن منهم. لكن انخراط جبران والريحاني والآخرين في العمل السياسي عبر "لجنة تحرير سوريا وجبل لبنان" جمّد نشاط الرابطة حتى عام 1920. وهي حقيقة تأريخية قد أدخل في تفاصيلها الموثقة لمناسبة تأسيس الرابطة بعد أشهر قليلة. كذلك، اشترك أبو ماضي في تأسيس لجنة التحرير، وكان مسؤولاً في هيئتها الادارية.
في 15 نيسان 1919، دخل أبو ماضي نادي أصحاب الصحف، فأصدر العدد الاول من مجلته "السمير". وبخلاف كل الشعراء "الزملاء"، احترف الشاعر أبو ماضي العمل الصحافي الى درجة انه حوّل مجلته في 2 تشرين الثاني 1936 الى جريدة يومية. بالطبع، جاء احترافه للصحافة على حساب خلقه الشعري، وخدمة لإنتاجه النثري. وبقي ابو ماضي ممتطياً حصان الهواية الشعرية والاحتراف الصحافي حتى 13 تشرين الثاني 1957 حين توقف قلبه عن الخفقان اثر نوبة قلبية.

نصل الى بيت القصيد النثري إذا صح التعبير. كانت "مرآة الغرب" و"السمير" البوابة العريضة التي دخل منها أبو ماضي الى احتراف الكتابة النثرية. لكن إنتاجه قبل احترافه الصحافة لم يخلُ من بعض المقالات. على سبيل المثال، فقد نشر في "مرآة الغرب" بتاريخ 22 تموز 1913 مقالة سياسية عنوانها "أعداء الاصلاح" حدّد في مستهلها هؤلاء الاعداء بأنهم "جماعة الغوغاء الذين كلما ارتفع صوت من جانب الحق عملوا على اسكاته. يريدون أن يطفئوا نور الله بأفواههم، ويأبى الله الا ان يتم نوره ولو كره المنافقون. هم الذين لا يطيب لهم عيش الا اذا ابصروا هذه الأمة أحزاباً لا نظام لها. في سوريا قسمّوها الى مسلم ومسيحي. وهنا في المهجر الى ماروني وأرثوذكسي". وانتقل الكاتب من التعميم الى التخصيص، فقال: "عقد المؤتمر العربي في باريس فتهللت وجوه اليائسين بنور الرجاء. أما أعداء الاصلاح والمصلحين فإنهم ظلوا ساكتين سكوت الذين لا شأن لهم كأنما هم غرباء عن هذه الأمة، وكأن القائمين به صينيون. وسمعوا بالدعوة الى عقد مؤتمر في نيويورك، فانقلبوا يقبّحونه في عيون الشعب كأنما هو هاوية فيها حيّات وعقارب". وتساءل أبو ماضي في مقالة ثانية نشرتها "المرآة" في 29 تموز 1913 مخاطباً أعداء الاصلاح: "أتحسبون اصلاح الشعوب واسعاد البلاد رسالة أم مقالة أم طبخة مجدرة تبتدئ وتنتهي في ساعة"؟
قبل متابعة بعض خطب الناثر أبو ماضي ومقالاته، لا بأس بالتنويه بأن الكاتب يغمز من قناة نعوم مكرزل صاحب جريدة "الهدى" ورئيس "حزب النهضة اللبنانية" الذي عارض بشدة عقد المؤتمر النيويوركي الذي دعا اليه صاحب "المرآة" نجيب دياب وعدد من الأدباء والصحافيين أمثال جبران. ناهيك بأن مكرزل اشتهر بنهجه السياسي المذهبي، كما هو بيّن من أعداد "الهدى" في تلك الحقبة.

كان أبو ماضي نائباً لرئيس التحرير حين قرّر القيام بالمراسلة، وهو قرار لا يتخذه عادةً الصحافيون الطموحون من أمثاله، لأن المراسل أدنى رتبة من نيابة رئاسة التحرير. فهل كان في رأسه موّال يريد إنشاده مما يمكن اعتباره غاية الغايات لديه؟ أجل! والموال يتخطى تدبيج المقالات بدلاً من طبخها، الى الانتقال من نائب رئيس للتحرير الى رئاسة التحرير، ومن صهر لمالك صحيفة الى الانتماء الى نادي أصحاب الصحف. بقليل من الخبث، يمكن الاستناج ان تجواله في ديترويت وغيرها من المناطق التي تقطنها جاليات لبنانية وسورية وفلسطينية، استهدف معرفة عدد القراء والمشتركين في حال إصداره "السمير". وثمة دليلان على ذلك، أولهما انه استقال من "مرآة الغرب" بعد أقل من عام من مباشرته مهمته الجديدة، والثاني إصداره لمجلته في ربيع 1929.

صدرت "السمير" نصف شهرية، فكانت مناسبة للناثر أبو ماضي كي يهتم بمقالاته، وبخاصة الافتتاحيات، بالقدر نفسه الذي اهتم من قبل بشعره. ليس من المبالغة القول، ان معظم افتتاحياته بدءاً من الباكورة، قطع أدبية متميزة، تجمع بين الأدب والفلسفة والسياسة. في افتتاحية العدد الاول الصادر بتاريخ 15 نيسان 1929، نقرأ العبارات الآتية: "قالت النفس: اعتزل. وقال الرفاق لا تعتزل. وللنفس صولتها النافذة. وللأصحاب دالّتهم التي لا تردّ… ثمانية شهور لم يتحرك فيها هذا القلم بنثر ولا نظم. وكأنما نفسي كانت هاجعة كالروض في الشتاء، لا طائر يصدح، ولا زهرة تنفح، حتى يجيء الربيع، فتسترجع الارض زينتها وحلاها، ثمانية شهور كانت كل لحظة منها كأنها ثمانية شهور… تلك هجعة لم تكن باختياري، ولكنها جاءت في وقتها وكانت نافعة. فلولاها لم يتسع أمامي المجال للتفكير في إصدار هذه المجلة… قد رجعت الى حومة الصحافة لأني أحسب كل يوم أنفقه في غير خدمة قومي وبلادي ولغتي ليس من عمري، بل أنا اعتبر الفناء في أمتي وجوداً، والوجود في غير أمتي فناء". وكرّت السبحة، في 15 حزيران 1929، وتحت عنوان "نبي في غير وطنه" كتب أبو ماضي في الافتتاحية عن العالم اللبناني حسن كامل الصباح، الذي هو "مخترع قليل النظراء حتى في الوسط الاميركي". أما لماذا بقي مغموراً حتى كتابة الافتتاحية فلأنه "شرقي. وهذا يبرهن لنا فساد القول الشائع من ان العلم لا وطن له".
بعد وفاة جبران كتب أبو ماضي عنه أكثر من مرة. قال في عدد 15 نيسان 1931 ان جبران الذي مات "كان أدبه إما دمعة تتألق فيها ابتسامة أو ابتسامة تترقرق فيها دمعة… نقول (مات) جرياً على العادة المصطلح عليها. اما الحقيقة فهي ان موت رجل كجبران ولادة". وفي "تقدمة" العدد الخاص بجبران والصادر في أول ايار 1931 قال أبو ماضي: "الى الشاعر الذي كان يلمح الفجر في حواشي الليل الداجي والربيع في الشتاء القاحل العاري… الى روح جبران ترفع "السمير" هذا العدد. وهذا اقل ما تكافئ به أديباً نسيج وحده كجبران كان الخط الذي يلتقي عنده الادبان الشرقي والغربي".
وتحت عنوان "الإله الثاني" كتب أبو ماضي افتتاحية لعدد أول حزيران 1931، كأنها برسم النشر في دورية تصدر في أول شباط 2024. انتقد الاديب الزميل في هذه الافتتاحية الاميركيين الذين "اذا شادوا بناية فلا يقولون انها جميلة أو شاهقة الا بعد أن يقولوا انها كلفت كذا وكذا من الدولارات. واذا عرضوا صورة فنية فلا يذكرون قيمتها الفنية الا بعد ان يأتوا على قيمتها المادية كأن يقولوا انها بيعت بألوف الدولارات، وانها كانت في حوزة الغني المشهور فلان، لذلك نقول ان المدنية الاميركية، على ضخامتها وفخامتها، يعوزها قليل من الطمأنينة الروحية التي تغمر الشرق، كما يعوز الشرقيين قليل من النشاط في طلب المحسوسات والمرئيات الذي يملك على الاميركي مشاعره".
كان أبو ماضي عازماً على تحويل "السمير" الى جريدة يومية، لكن وفاة "عمه" اضطرته الى تجميد إصدار مجلته ليتولى رئاسة تحرير "مرآة الغرب" لبضعة أشهر. خلال ذلك، حاول شراء الجريدة العريقة، لكن حماته افشلت محاولته، فشرب حليب السباع، وحوّل "السمير" من نصف شهرية الى يومية بدءاً من 2 تشرين الثاني 1936. وكالعادة، نجح في مشروعه الجديد، ليس فقط عبر تأمينه الاشتراكات والاعلانات التي حالت دون احتجابها، كما كانت حال معظم دوريات المهجر الاميركي الشمالي، بل ايضاً تحقيق التوازن بين الادب والسياسة. لكن نهج أبو ماضي في افتتاحياته ومقالاته "العقائدية"، المتميّز بالصلابة، اضافة الى سياسة جريدته العروبية الفلسطينية غير الخالية من النكهة الارثوذكسية، قد دفعاه الى الخوض في معارك اعلامية مع بعض اصحاب الدوريات الاخرى وبخاصة نعوم مكرزل صاحب "الهدى". ولحسن حظ القراء، تخطت المعارك شؤون السياسة وشجونها، لتشمل النقد الادبي والشعر. وعلى سبيل المثال، فإن أبا ماضي دخل على خط المعركة التي دارت بين الشاعر القروي والناقد هاني بعل في الصحف البرازيلية والارجنتينية. قرأ هاني بعل في جريدة "سورية الجديدة" بتاريخ 8 آذار 1941 الابيات الآتية للشاعر القروي المنشورة في ديوانه "الاعاصير":
غرست بلبنان ورد الأمل/ فقل للبرازيل ان تمحلا/ وجدت عليه بمزن المقل/ فقل للأمازون أن يبخلا/ وحليت قلبي بنبع العسل/ فقل لليالي امطري حنظلا.
وعلّق عليها بالقول ان "الصورة التي ترسمها من أسخف ما يمكن أن تتصوره مخيلة قوّال بسيط". وتساءل: "لماذا يجب أن تمحل البرازيل اذا كان الناظم قد غرس ورد الأمل بلبنان؟ وما هو الجمال الشعري في سقي الأمل بمزن المقل وبخل الأمازون؟".
رد أبو ماضي على هاني بعل في "السمير" بتاريخ 26 آذار 1941، فاتهمه بالتجني، لأنه "تناول هذه الابيات وعركها عركاً كما يعرك المرء بيده أوراق وردة ندية ثم يطرحها جانباً وهو يقول: أي جمال فيها". رد هاني بعل على الرد في جريدة "الزوبعة" الارجنتينية بتاريخ 15 حزيران 1941، فاعترف بموهبة أبو ماضي الشعرية، لكنه أنكر مقدرته على نقد الشعر الذي هو "ثقافة اختصاصية واسعة تقوم على علم غزير ودراسة طويلة وموهبة أخرى للنظر في المنظومات في ذاتها وليس للنظر في ما نقدر أو نتخيل ان الناقد اراد منها". والجدير ذكره ان هاني بعل هو الاسم المستعار للزعيم انطون سعادة.

اجمل قصائد ايليا أ بو ماضي

فلـــــــســـفة الحـــــــــــيــــــاة
أيهذا الشاكي وما بك داء
كيف تغدو إذا غدوت عليلا..
إن شر الجناة في الأرض نفس
تتوقى قبل الرحيل الرحيلا..
وترى الشوك في الورود وتعمى
أن ترى فوقها الندى إكليلا..
هو عب‏ء على الحياة ثقيل
من يظن الحياة عب‏ء ثقيلا..
والذي نفسه بغير جمال
لا يرى في الحياة شيئاً جميلا..
فتمتع بالصبح ما دمت فيه
لا تخف أن يزول حتى يزولا..
أيهذا الشاكي وما بك داء
كن جميلا ترى الوجود جميلا..
—————————-
التينة الحمقاء
وتينة غضـــــة الأفــــنان باســــــقـــــة *** قالت لأترابـــهــــا والصـــــيف يحتضر
بئس القضاء الذي في الأرض أوجدني***عندي الجمــال وغيري عنده النـــظــر
لأحبســــن على نفســـــي عوارفــهــــا***فــــلا يبين لـــهـــا في غيرهــــا أثـــر
لذي الجــناح وذي الأظفــار بي وطـر***وليــس في العيـش لي فيما أرى وطــر
أني مفصـــــــلة ظلي على جســــــدي***فلا يكـون به طـــــــــول ولا قصــــــر
ولســـــت مثـــمـــرة ألا على ثقــــــــة***أن ليس يطرقني طــــــير ولا بشــــــر
عاد الربيـــــــع إلى الدنيا بمــــــوكبــــه***فأزينت واكتســـــت بالســـندس الشـــجـر
وظلت التينـــــة الحمـــــــقاء عـــــــاريةً***كــأنهــا وتـــدفي الأرض أو حــــجـــــر

===========================

قصيدة العيد
ايليا أبو ماضي

أي شيء في العيد أهدي إليك
ياملاكي و كل شيء لديك؟
أساورا؟أم دملجا من نضار
لا أحب القيود في معصميك
أم خمورا؟وليس في الأرض خمر
كاللتي تسكبين من عينيك
أم وردا؟والورد أجمله عندي
الذي قد نشقت من خديك
أم عقيقا كمهجتي يتلظى؟
و العقيق الثمين في شفتيك
ليس عندي شيء أعز من الروح

وروحي مرهونة في يديك

——————-
قصيدة ابتسم
قال السماء كئيبة وتجهما
قال السماء كئيبة وتجهما
قلت ابتسم يكفي التجهم في السماء

قال الليالي جرعتني علقما
قلت ابتسم ولئن جرعت العلقما

أتراك تغنم بالتبرم درهما
أم أنت تخسر بالبشاشة مغنما

يا صاح لا خطر على شفتيك
أن تتلثما والوجه أن يتحطما

فاضحك فإن الشهب تضحك
والدجى متلاطم وكذا نحب الأنجما

قال البشاشة ليس تسعد كائنا
يأتي إلى الدنيا ويذهب مرغما

قلت ابتسم ما دام بينك
والردى شبر فإنك بعد لن تتبسما
قال السماء كئيبة وتجهما
قال السماء كئيبة وتجهما
قلت ابتسم يكفي التجهم في السماء

قال الليالي جرعتني علقما
قلت ابتسم ولئن جرعت العلقما

أتراك تغنم بالتبرم درهما
أم أنت تخسر بالبشاشة مغنما

يا صاح لا خطر على شفتيك
أن تتلثما والوجه أن يتحطما

فاضحك فإن الشهب تضحك
والدجى متلاطم وكذا نحب الأنجما

قال البشاشة ليس تسعد كائنا
يأتي إلى الدنيا ويذهب مرغما

قلت ابتسم ما دام بينك
والردى شبر فإنك بعد لن تتبسما
=====================
كن بلسماً
كن بلسماً إن صار دهرك أرقما
وحلاوة إن صار غيرك علقما
إن الحياة حبَتــك كــــلَّ كنوزها
لا تبخلن على الحياة ببعض ما ..
أحسِنْ وإن لم تجـــزَ حتى بالثنـا
أيَّ الجزاء الغيث يبغي إن همى ؟
مَن ذا يُكافئ زهرة فواحـــــة ؟
أو مَن يثيب البلبـــــــل المترنما ؟
عُدَّ الكرام المحسنين وقِســـــهم
بهما تجــــد هـــــذين منهم أكرما
يا صاح خُذ عِلمَ المحبة عنهما
إني وجدتُ الحب عِلما قيِّمـــــــا
لو لم تَفُح هذي، وهذا ما شَدا
عاشت مذمـــمة وعاش مذمـمـــا
فأعمل لإسعاد السِّوى وهنائهم
إن شِئتَ تسعد في الحياة وتنعمـا
أَيقِظ شُعورَك بالمحـــبة إن غـفا
لَو لا الشعور الناس كانوا كالدُمى
——————–
الحرية
رآها يـــحـــلُّ الفــجـــــــرُ عقد جفونها *
* ويُـــلــقـــي عــــلـيــها تــبـرهُ فـــيذوبُ
ويـــنـــفــض عـن أعطـــافها النورَ لؤلؤاً *
* مـــن الطـــلِّ ما ضُــمـت عليه جــيوبُ
فــعــالــجــها حـتى استوت في يمينه *
* وعــــــــاد إلى مـــغـــنــاه وهـو طروبُ
وشـــاء فأمــســت في الإناء سجــينةً *
* لتــشــبــع مــنـــها أعــيــنٌ وقـــلـــوبُ
فليـست تحيي الشمس عند شروقها *
* وليــست تحــيي الشمس حين تغيبُ
ومـــن عُـــصــبت عــيناه فالــوقت كله *
* لــــــديه وإن لاح الصـــبــاحُ غـــــــروبُ
لها الحـــجـرة الحسناءُ في القصر إنما *
* أحـــــــــب إلـــيـــها روضـــةٌ وكـــثــيبُ
وأجـــمـــل مــن نـور المـصابيح عندها *
* حُـــباحبُ تمــضـي في الدجى وتؤوبُ
وأحـلى من السقف المزخرف بالدمى *
* فـــضـــاءٌ تــشـــع الشهـبُ فيه رحيبُ
تــحـــنُ إلى مـــرأى الغـــدير وصـــوته *
* وتُـــحـــرم مــــنـــه ، والغـــديــر قريبُ
وكـــانــت قــلــيـل الطـل ينعش روحها *
* وكـــانــت بــمـيـسـور الشعـاع تـطيبُ
تمشى الضـنى فيها وأيار في الحمى *
* وجـــفـــت وسـربـال الـربـيـع قـشـيبُ
إســارك يا أخــت الــريــاحـــين مـفجعٌ *
* ومـــوتـــك يا بــنــت الــربــيــع رهــيبُ

==================

قصيدة (فلنعش)
للشاعر ايليا أبي ماضي

لا تَسَــــــــلْ أين الهوى والكـــوثرُ
سَكَتَ الشــــــــــــادي وبُحَّ الوتـــرُ
فـــجــأةً … وانـــقــــلب العُرسُ إلى
مَأتمٍ …مــــاذا جـــــــرى؟ مـــا الخبرُ
ماجــتِ الــدنيا بمـــــن فيها ، كما
ماج نـــــهــــــــــــرٌ ثائرٌ مُنكــــــدرٌ
كُلهم مُســــــتَفسِـــــرٌ صَـــــاحـــبه
كلُّهم يُؤذيه من يَســــــتَفـــسِـــر
هَــمَــــسَ المــــوتُ بهــم هـــــمستهُ
إن هــمــــس المـــــوت ريحٌُ صَــــرصَرٌ
فـــــإذا الحــــيرةُ في أحــــــداقهم
كــيفـــما مالـــوا وأنى نــظــــــروا
عـــــلِموا … يا ليتهــــم ما عَــــلِموا
أنَّ دنــــيا مــــن رؤىً تُحــــتَضَـــــــرُ
والذي أطــــــــربهــــم عن قُــــدرةٍ
بــــات لايقـــــوى ولا يــــــــقــــــتدرُ
يَبِسَ الضِّــحــــكُ على أفــــــــواههم
فهــو كالسُّخــــرِ وإن لم يسخــروا
وإذا الآسي … يـــــــدٌ مخــــــــــذولةٌ
ومُــــحـــيا اليأسُ فـــيه أصـــفــــــرُ
شاع في الدنيا الأسى حتى شكت
أرضُــها وطــــــــــــأتَهُ والجَــــــــــدرُ
فــــعــلى الأضواء مِنه فـــــــــــــترةٌ
وعــلى الألــــوان مِــــنه أثـــــــــــــــرُ
والقــــــناني صُــــــــورٌ باهِـــــــــتَةٌ
والأغــاني عَــــــالم مُـــــنــــــدثـــــرُ
ألهــــنا أُفـــــــلِت مــن أيديــــهـــمُ
والأمـــــاني …؟ ..إنهــــا تــنـــتـحِرُ
—————————-
قصيدة (سلمى بماذا تفكرين)
ايليا أبو ماضي

السحــــــب تركض في الفضاء الرحب ركض الخائفين
والشمــــــــــــــــــس تـــــــــــبـــــــدو خلفها صفراء عاصبة الجبين
والبحـــــــــــــــــــــر ساجٍ صامـــــــــــــــــتٌ فيه خشوع الزاهدين
لكنما عـــــــــيناك باهتتان في الأفـــــــــــــــــــــق البعـــــــــــــيد
سلمى …بماذا تفكرين؟
سلمى …بماذا تحلميـــــــن؟
أرأيت أحلام الطفــــــــــــــــــــولة تختفي خلف التخوم؟
أم أبصرتْ عيناك أشــــــــــــــــباح الكهولة في الغيوم؟
أم خفتْ أن يأتي الدُّجى الجـــــــــــاني ولا تأتي النجوم؟
أنا لا أرى ما تلمـــــــــحـــــــــــــــــــــين من المــشــــاهد إنما
أظلالـــــها في ناظريك
تنم ، ياســـلمى ، عليك
إني أراك كســــــــــــــــــائحٍ في القفر ضل عن الطريق
يرجو صديقاً في الفـــــــــــلاة ، وأين في القفر الصديق
يهوى البروق وضــــــــوءها ، ويـــــــــــــخاف تخدعهُ البروق
بــــلْ أنت أعظم حـــــــــــــــــيرة من فــــــارسٍ تحت القتام
لا يستطيع الانتــــصار
ولا يطيق الانــــــكسار
هــــــذي الهواجـــــــس لم تكن مرســــــــومة في مقلتيك
فلقـــــد رأيـــتـــك في الضــــحى ورأيته في وجـــــنتيك
لكن وجــــــدتُك في المساء وضـــــعت رأسك في يديك
وجـــــــلست في عــــــينيك ألغازٌ ، وفي النفــس اكتئاب
مــــثل اكتئاب العاشقين
ســلمى …بماذا تفكرين
بالأرض كيف هـــــــوت عروش النور عن هضباتها؟
أم بالمـــــــــروج الخُضرِ ســــــاد الصمت في جنباتها؟
أم بالعــــــصـــــافــــــــــــير التي تعـــــدو إلى وكناتها؟
أم بالمـــــــسا؟ إن المســــــــــــــا يخفي المدائن كالقرى
والكوخ كالقصر المكينْ
والشـوكُ مــــــــــــــــــــــثلُ الياسمين
لا فــــــــرق عــــــــــند الليل بين النهــــــــــر والمستنقع
يخفي ابتسامات الطـــــــــــــــروب كأدمع المـــــــتوجعِ
إن الجـــــــــمالَ يغـــــــيبُ مـــــــــــــــــثل القبح تحت البرقعِ
لكن لماذا تجــــــــــــزعـــــــــــــــين على النهار وللدجى
أحـــــــــــلامه ورغائبه
وســـــــماؤُهُ وكواكبهْ؟
إن كان قد ســــــــــــــــــتر البلاد سهـــــولها ووعورها
لم يسلـــــــــــــب الزهر الأريج ولا المياه خـــــــريرها
كلا ، ولا منعَ النســــــــــــــــــــائم في الفضاءِ مسيرُهَا
ما زال في الــــوَرَقِ الحفــــيفُ وفي الصَّبَا أنفــــــاسُها
والعــــــــندليب صداحُه
لا ظفـــــــــــرُهُ وجناحهُ
فاصغي إلى صـــــــــوت الجداول جارياتٍ في السفوح
واســــــتنشـــــــــقي الأزهار في الجنات مادامت تفوح
وتمتعي بالشــــــــــــــهـــــب في الأفلاك مادامتْ تلوح
من قــــــبل أن يأتي زمان كالضـــــــــــــباب أو الدخان
لا تبصرين به الغــدير
ولا يلـــــــذُّ لك الخريرْ
مـــات النهار ابن الصباح فلا تقـــــــــــــــولي كيف مات
إن التــــــــــــــــأمل في الحــــــــــياة يزيد إيمـــــــــــــان الفتاة
فدعي الكآبة والأسى واســـــــــــــــــترجعي مرح الفتاةْ
قد كان وجهك في الضحى مثل الضحى متهـــــــــــــللاً
فيه البشـــــاشة والبهاءْ
ليكن كــذلك في المساءْ

قصيدة العيون السود

ليت الذي خلق العــــيون الســــــودا
خــلق القلـــوب الخــــافقات حديدا
لولا نواعــســهـــــا ولولا ســـحـــــرها
ما ود مـــالك قـــلبه لـــــو صـــــيدا
عَـــــوذْ فــــــؤادك من نبال لحـاضها
أو مـتْ كمـــا شاء الغرام شهيدا
إن أنت أبصرت الجمال ولم تهــــــم
كنت امرءاً خشن الطباع ، بليدا
وإذا طــــلبت مع الصـــــــبابة لـــذةً
فــلقد طــلبت الضـائع المــوجــودا
يــا ويــح قـــلبي إنـه في جـــــانبي
وأضـــنه نـــائي المــــــزار بعـيدا
مــســـتوفـــــزٌ شــــوقاً إلى أحـــبابه
المـــرء يكره أن يعــــيش وحيدا
بـــــــرأ الإله له الضــــــــــلوع وقايةً
وأرتـــــــه شقوته الضلوع قيودا
فإذا هــــــفا بــــــــرق المنى وهفا له
هــــــاجــــت دفائنه عليه رعــــودا
جــــشَّــــمتُهُ صــــبراً فـــــلما لم يطقْ
جـــشــــمته التصويب والتصعيدا
لــو أســتطيع وقـيته بطش الهوى
ولـــو استطاع سلا الهوى محمودا
هي نظرة عَرَضت فصارت في الحشا
نــاراً وصــــار لها الفـــؤاد وقودا
والحــبٌ صوتٌ ، فهــــو أنــــــــةُ نائحٍ
طـــوراً وآونــــة يكون نشــــيدا
يهــــب البــواغم ألســـــــناً صداحة
فــــإذا تجنى أســــــكت الغريدا
ما لي أكــــلف مهـجــتي كتم الأسى
إن طــــال عهد الجرح صار صديدا
ويــلذُّ نفــــــسي أن تكون شـــقيةً
ويلــذ قلبي أن يكــــــــون عميدا
إن كنت تدري ما الغـرام فداوني
أو ، لا فخل العــــــــذل والتفنيدا
—————————
صيدة (الغبطة)
ايليا أبو ماضي

أقبلَ العيدُ ، ولكنْ ليسَ في الناسِ المسرَّهْ
لا أَرى إلاَّ وُجُوهاً كالحاتٍ مُكْفَهِرَّهْ
كالرَّكايا لم تَدَعْ فيها يدُ الماتِحِ قطرَهْ
أو كمثلِ الرَّوضِ لم تَتْركْ به النكباءُ زهرَهْ
وعيوناً دَنقتْ فيها الأماني المُسْتَحِرَّهْ
فَهْيَ حَيرى ذاهلاتٌ في الذي تهوى وتكرَهْ
وخدوداً باهتاتٍ قد كساها الهَمُّ صُفْرَهْ
وشفاهاً تحذرُ الضحكَ كأنَّ الضحكَ جمرَهْ
ليسَ للقومِ حديثٌ غير شكوى مستمرَّهْ
قد تساوى عندهُمْ لليأسِ نفعٌ ومضرَّهْ
لا تَسَلْ ماذا عراهُمْ كلُّهم يجهل ُ أمرَهْ
حائرٌ كالطائرِ الخائفِ قد ضَيَّعَ وكرَهْ
فوقَهُ البازِيُّ ، والأشْرَاكُ في نجدٍ وحُفْرَهْ
فهو إنْ حَطَّ إلى الغبراءِ شَكَّ السهمُ صدرَهْ
وإذا ما طارَ لاقى قشعمَ الجوِّ وصقرَهْ
كلُّهم يبكي على الأمسِ ويخشى شَرَّ بُكْرَهْ
فهمُ مثل عجوزٍ فقدتْ في البحرِ إبرَهْ
* * *
أيّها الشاكي الليالي إنَّما الغبطةُ فِكْرَهْ
ربَّما اسْتوطَنَتِ الكوخَ وما في الكوخِ كِسْرَهْ
وخَلَتْ منها القصورُ العالياتُ المُشْمَخِرَّهْ
تلمسُ الغصنَ المُعَرَّى فإذا في الغصنِ نُضْرَهْ
وإذا رفَّتْ على القَفْرِ استوى ماءً وخُضْرَهْ
وإذا مَسَّتْ حصاةً صَقَلَتْها فهيَ دُرَّهْ
لَكَ ، ما دامتْ لكَ ، الأرضُ وما فوق المَجَرَّهْ
فإذا ضَيَّعْتَها فالكونُ لا يَعْدِلُ ذَرَّهْ
أيُّها الباكي رويداً لا يسدُّ الدمعُ ثغرَهْ
أيُّها العابسُ لن تُعطَى على التقطيبِ أُجْرَهْ
لا تكنْ مُرَّاً ، ولا تجعَلْ حياةَ الغيرِ مُرَّهْ
إِنَّ من يبكي لهُ حَوْلٌ على الضحكِ وقُدْرَهْ
فتَهَلَّلْ وتَرَنَّمْ ، فالفتى العابسُ صَخْرَهْ
سَكَنَ الدهرُ وحانتْ غفلةٌ منهُ وغِرَّهْ
إنَّهُ العيدُ … وإنَّ العيدَ مثل العُرْسِ مَرَّهْ
=======================
يدة (لا تَـسَلْ أيـن الهوى )

ايليا أبو ماضي

لا تَـسَلْ أيـن الهوى والكوثرُ
سَـكَتَ الـشادي وبُـحَّ الوترُ

فـجأةً … وانقلب العُرسُ إلى
مَأتمٍ …ماذا جرى؟ ما الخبرُ

مـاجتِ الدنيا بمن فيها ، كما
مــاج نـهرٌ ثـائرٌ مُـنكدرٌ

كُـلـهم مُـسـتَفسِرٌ صَـاحبه
كـلُّهم يُـؤذيه مـن يَستَفسِر

هَـمَسَ الـموتُ بـهم همستهُ
إن همس الموت ريحٌُ صَرصَرٌ

فـإذا الـحيرةُ فـي أحـداقهم
كـيفما مـالوا وأنـى نظروا

عـلِموا … يا ليتهم ما عَلِموا
أنَّ دنـيا مـن رؤىً تُحتَضَرُ

والـذي أطـربهم عـن قُدرةٍ
بــات لايـقوى ولا يـقتدرُ

يَـبِسَ الـضِّحكُ على أفواههم
فـهو كالسُّخرِ وإن لم يسخروا

وإذا الآسـي … يـدٌ مخذولةٌ
ومُـحيا الـيأسُ فـيه أصفرُ

شاع في الدنيا الأسى حتى شكت
أرضُـهـا وطـأتَهُ والـجَدرُ

فـعلى الأضـواء مِـنه فترةٌ
وعـلى الألـوان مِـنه أثـرُ

والـقـناني صُــورٌ بـاهِتَةٌ
والأغـانـي عَـالـم مُـندثرُ

ألـهـنا أُفـلِت مـن أيـديهمُ
والأمـاني …؟ ..إنها تنتحِرُ

هلا وغلا ومرحبا

اخي بدر يسلموا ويعطيك العافية

للطرح الرائع والموضوع القيم وجهودك

سلمت اناملك الذهبية

مع اجمل تحياتي بالود

هلا وغلا ومرحبا

اخي بدر

يسلموا ويعطيك العافية

للقصائد الرائعة لايليا معروف عنه

سلمت اناملك الذهبية

مع اجمل تحياتي بالود

يعطيكــــــــ العافية اخوي بدر
ما قصرت تقديم جد رائع
لشخصية ادبية مميزة في تاريخ الادب العربي
يستاهل التقيم
تحيتي

سلم سام

دلع عيني دلع

اشكركم جزيل الشكر على الحضور والمشاركة

تحياتي

هلا

استاذ بدر

شكرا لك على المجهووود القيم عن هذه الشخصية الادبية الخالده

احترااامي

اسعدني مرورك اخوي سام

تحياتي

ايليا ابو ماضي – تحديث

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.