بسم الله الرحمن الرحيم
ولد
رجب طيب أردوغان في 26 فبراير (شباط) عام 1954، ووالده كان يعمل بالحرس
البحري التركي على ساحل البحر الأسود، ولم تكن أسرته، المتحدرة من الأتراك
الجورجيين الذين هاجروا من جورجيا إلى مدينة ريز التركية، ثرية بل متواضعة
الحال. وكان يبلغ من العمر 13 عاما عندما قرر والده الانتقال إلى اسطنبول
للعمل هناك، أملا في أن يوفر لأسرته المكونة من زوجته وخمسة أبناء، حياة
أفضل. وفي مراهقته، باع أردوغان «الليموناضة» والكعك بالسمسم في شوارع
اسطنبول، لكسب أموال إضافية تساعده وأسرته. وأدى التعليم الديني دورا في
التطور الفكري والعقلي لأردوغان، إذ انه درس أصول الدين في مدرسة «الإمام
الخطيب» في اسطنبول، قبل أن يدرس علم الادارة في جامعة «مرمرة». ومنذ
شبابه، اكتشف اردوغان الذي عاش في أفقر أحياء اسطنبول، انه حساس جدا تجاه
مسألتين: الفقر والتدين. ففي شوارع اسطنبول العشوائية الفقيرة المعدمة
التي تنتشر فيها المياه الآسنة وتتراكم القمامة وتزاحم الأرصفة مع السكان
المكتظين، بدأ اردوغان يهتم بفكرة العمل العام والسياسي. اما الحساسية
الثانية، التي تكونت لديه فهي مسألة الدين، اذ كان يحافظ على الصلاة في
المساجد والصيام. وكان هذا شيئاً غير عاديٍّ لدى الكثير من أقرانه. وإلى
جانب دراسته، كان أردوغان شغوفا بكرة القدم، وظل يمارسها كلاعب محترف خلال
دراسته الاعدادية والثانوية والجامعية لمدة 16 عاماً، وكان على وشك احتراف
اللعبة، لولا انشغاله بالسياسة. وهناك قصة شهيرة تفسر تحول اردوغان من
الرياضة إلى السياسة مطلع شبابه. فبعد الانقلاب العسكري الذي قاده الجنرال
كنعان افرين عام 1980، تواجه أردوغان لأول مرة مع القوانين العلمانية في
تركيا، إذ أن رئيسه في ادارة المواصلات في اسطنبول، وكان برتبة عقيد
متقاعد من الجيش، طلب منه أن يحلق شاربه تطبيقاً لمجموعة من القوانين
الجديدة التي طبقها افرين، ومن بينها حلق الشارب والذقن ومنع النساء من
دخول الجامعات والمؤسسات الحكومية بالحجاب. فرفض أردوغان حلق شاربه، وكلفه
هذا العناد عمله، إذ اضطر بسبب ذلك للاستقالة. وفي الجامعة، التقى أردوغان
أربكان الذي أصبح لاحقا أول رئيس وزراء إسلامي في تاريخ تركيا، والرجل
الذي أدخل الإسلام السياسي إلى قلب دوائر صنع القرار. وتقارب أربكان
وأردوغان بسرعة بعد انضمام الثاني إلى حزب الرفاه، وظلت علاقتهما وثيقة
إلى أن انهار الحزب عام 1998 بعد أن أمر الجيش بحله عام 1997 بتهمة المساس
بأسس العلمانية التركية. لكن حل حزب الرفاه جاء بعدما كان اردوغان قد
اكتمل تقريبا كسياسي مستقل، وليس مجرد تلميذ لأربكان، وذلك من خلال تجربته
كعمدة لاسطنبول. فقد انتخب اردوغان عمدة لاسطنبول عن حزب الرفاه، من 27
مارس (آذار) 1994 إلى 6 نوفمبر (تشرين الثاني) 1998. وخلال ولايته
لاسطنبول، أكبر المدن التركية من حيث المساحة وتعداد السكان، طبق أردوغان
بعضا من أفكاره، ومن بينها الفصل بين الرجال والنساء في المسابح العامة
وبعض النوادي الرياضية. كما حظر شرب الكحول في الأماكن العامة، وانتقد
الاحتفالات التي تقام بالمدينة، وفي تركيا بمناسبة رأس السنة الميلادية،
وقال إنها عادة اجتماعية لا تجبره هو على الاحتفال بها. ولكن حتى منتقدي
أردوغان، لم يستطيعوا إنكار أنه أنجز الكثير خلال عمله كعمدة لاسطنبول، إذ
عمل على بناء بنية تحتية قوية، ونظام مواصلات حديث، وجعل المدينة أكثر
نظافة وخضرة. وبالرغم من أن قرار اردوغان حظر المشروبات الكحولية في
المقاهي العامة باسطنبول أزعج العلمانيين، الا أنه استفاد من سمعته
النظيفة، بوصفه شخصا غير فاسد في بلد طالما عانى من فساد السياسيين. لكن
هذه الميول الدينية نفسها التي قربته من بعض أطياف الطبقة الوسطى التركية،
أدت إلى إدانته من قبل المحكمة بتهمة إثارة الكراهية الدينية. وبدأت
الحكاية عندما كان أردوغان يقرأ في تجمع عام شعراً إسلامياً، جاء فيه
«المساجد هي ثكنة جنودنا. القباب هي خوذتنا. المآذن هي حربتنا. الإيمان هو
جنودنا». ورأت المحكمة أن هذا الشعر تحريض على الكراهية الدينية، لأنه
يعلي من شأن الاعتقاد الديني، وينقله من المجال الخاص إلى المجال العام،
وحكمت عليه بالسجن 10 أشهر، إلا أنه قضى 4 أشهر فقط ثم أفرج عنه. وبسبب
الحكم الجنائي ضده لم يسمح لأردوغان بالترشح في الانتخابات البرلمانية أو
ممارسة العمل السياسي، وظل هذا الوضع قائما إلى أن غير البرلمان التركي
الدستور عام 2024، فتمكن أردوغان من الترشح للانتخابات البرلمانية. بعد حل
حزب الرفاه، قرر أردوغان عدم الانضمام لحزب الفضيلة الذي أسسه أربكان،
وأنشأ بدلا من ذلك حزبا جديدا سماه «العدالة والتنمية»، واختار معه صديقه
المقرب عبد الله غل لتأسيسه. كانت هذه «ثورة» وسط الأحزاب الإسلامية في
تركيا، إذ أن أردوغان وغل أخذا منحنى مختلفا عن أربكان، وعملا على أن يكون
خطاب حزبهما الجديد أكثر اعتدالا، بعيدا عن الشعارات الأخلاقية والدينية،
وركزا على الاقتصاد وعلى جذب الاستثمارات الأجنبية. وعندما فاز حزب
العدالة والتنمية بالانتخابات عام 2024، بقيَّ يحاول تجنب القضايا
الخلافية مع الجيش طوال سنوات حكمه، ومن بين هذه القضايا الحجاب مثلا.
فزادت الفجوة بين أردوغان وحزب السعادة الذي أسسه أربكان بعد الفضيلة
والذي بات يضم المحافظين وسط التيار الإسلامي في تركيا. اهتمام اردوغان
بالاقتصاد وجذب الاستثمارات الأجنبية واعطاؤه اولوية لانضمام تركيا
للاتحاد الاوروبي، كل ذلك وسع قاعدته الشعبية لتصنع تحالفا قويا بين
حكومته ورجال الاعمال والنقابات العمالية والمهنية والطبقة الوسطى، وهو
تحالف عزز مكانة اردوغان وصورته في الداخل والخارج كرجل عملي، يتمتع برؤية
اقتصادية واجتماعية وليس رجلا دخل عالم السياسة من باب الدين. ويحب أنصار
حزب العدالة والتنمية صورة أردوغان في القمصان الزرقاء العمالية بلا ربطة
عنق او جاكيت، او في الخوذة الصفراء المعدنية التي يرتديها العمال
الحرفيون والتي ارتداها كثيرا خلال حملته الانتخابية يوليو (تموز) عام
2024. ويقولون أن أردوغان غير صورة السياسي في تركيا، فهو يتحدث بلغة
بسيطة لكن مفوهة (تحدث مرة في احدى جولاته الانتخابية لمدة 70 دقيقة
متواصلة من دون ورقة)، وهو قريب من قضايا الشارع التركي، ولم يتورط في أي
قضايا فساد على عكس الكثيرين من السياسيين الأتراك. لكن «أبناء أتاتورك»
الحريصين على مبادئ العلمانية؛ وعلى رأسها الأفكار الجمهورية
والديمقراطية، يقولون إن أردوغان «ميكافيلي جديد». ويقولون إن ما يريده
أردوغان تدريجيا، هو تغيير الكثير من المبادئ التي رسخها اتاتورك لصالح
«نظام مشوه» بين الشرق والغرب. ويأخذون مثالا على ذلك مساعي اردوغان رفع
الحظر على ارتداء الحجاب في الجامعات. كما يستشهدون بممارسة شهيرة
لأردوغان، تعكس كما يقولون أنه ازدواجية، وهي أنه على عكس الكثير من
الإسلاميين لا يرفض مصافحة النساء، لأن هذا في رأيه يفسد إمكانات الحوار
والتواصل، لكنه على الجانب الآخر يستغفر الله كلما صافح امرأة.
هلا
اوسكار
تسلم على جهودك المميزه
تقبل تحيتي
شاادي مجهوود رائع ومميز..
يسلموا المرور
ماننحرم من روعة المرور
يعطيك العافية اخوي اوسكار على المعلومات
يسلمك ربي على تقديمك الجميل
الى الامام
تحيتي
تســلــمـ ايــدك ع الابــداع د
بــأركـ الله فيك وفى ميدان حسناتك