السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
المبحث الرابع عشر: ميراثه صلّى الله عليه وسلّم
عن عمرو بن الحارث رضي الله عنه قال: "ما ترك رسول الله صلّى الله عليه وسلّم عند موته: دِرْهماً, ولا ديناراً, ولا عبداً, ولا أمَةً, ولا شيئاً, إلا بغلته البيضاء [التي كان يركبها] وسلاحه, [وأرضاً بخيبر] جعلها [لابن السبيل] صدقة"( ). وعن عائشة رضي الله عنها قالت: ما ترك رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ديناراً، ولا درهماً، ولا شاة، ولا بعيراً، ولا أوصى بشيء( )"( ).
وقال صلّى الله عليه وسلّم: ”لا نورث ما تركنا فهو صدقة“( ) وذلك لأنه لم يبعث صلّى الله عليه وسلّم جابياً للأموال وخازناً إنما بعث هادياً, ومبشراًًً، ونذيراً, وداعياً إلى الله بإذنه, وسراجاً منيراً, وهذا هو شأن أنبياء الله ورسله عليهم الصلاة والسلام؛ ولهذا قال صلّى الله عليه وسلّم: ”إن العلماء ورثة الأنبياء, إن الأنبياء لم يورثوا ديناراً ولا درهماً إنما ورثوا العلم فمن أخذه أخذ بحظٍّ وافر“( ).
وقد فهم الصحابة رضي الله عنهم ذلك, فعن سليمان بن مهران: بينما ابن مسعود رضي الله عنه يوماً معه نفر من أصحابه إذ مرّ أعرابي فقال: على ما اجتمع هؤلاء؟ قال ابن مسعود رضي الله عنه: "على ميراث محمد صلّى الله عليه وسلّم يقسّمونه"( ).
فميراث النبي صلّى الله عليه وسلّم هو الكتاب والسنة والعلم والاهتداء بهديه صلّى الله عليه وسلّم؛ ولهذا توفي صلّى الله عليه وسلّم ولم يترك درهماً, ولا ديناراً, ولا عبداً, ولا أمة, ولا بعيراً, ولا شاة, ولا شيئاً, إلا بغلته وأرضاً جعلها صدقة لابن السبيل.
وعن عائشة رضي الله عنها قالت: "توفي النبي صلّى الله عليه وسلّم ودرعه مرهونة عند يهودي بثلاثين صاعاً من شعير"( ). وهذا يبين أن النبي صلّى الله عليه وسلّم كان يتقلل من الدنيا, ويستغني عن الناس؛ ولهذا لم يسأل الصحابة أموالهم أو يقترض منهم؛ لأن الصحابة لا يقبلون رهنه وربما لا يقبضوا منه الثمن, فعدل إلى معاملة اليهودي؛ لئلا يضيِّق على أحد من أصحابه صلّى الله عليه وسلّم( ). وقد كان صلّى الله عليه وسلّم يصيبه الجوع وهو حي؛ ولهذا يمر ويمضي الشهر والشهران وما أوقدت في أبيات رسول الله صلّى الله عليه وسلّم نار, قال عروة لعائشة رضي الله عن الجميع: ما كان يقيتكم؟ قالت: "الأسودان: التمر والماء…"( ). ومع هذا كان يقول صلّى الله عليه وسلّم: ”مالي وللدنيا ما مثلي ومثل الدنيا إلا كراكب سار في يوم صائف فاستظل تحت شجرة ساعة من نهار ثم راح وتركها“( ).
وخلاصة القول: أن الدروس والفوائد والعبر في هذا المبحث كثيرة, ومنها:
1 ـ الأنبياء عليهم الصلاة والسلام لم يبعثوا لجمع الأموال وإنما بعثوا لهداية الناس وإخراجهم من الظلمات إلى النور؛ لهذا لم يورثوا ديناراً ولا درهماً وإنما ورثوا العلم فمن أخذه أخذ بحظ وافر.
2 ـ زهد النبي صلّى الله عليه وسلّم في الدنيا وحطامها الفاني؛ وإنما هو كالركب الذي استظل تحت شجرة ثم راح وتركها.
3 ـ استغناء النبي صلّى الله عليه وسلّم عن سؤال الناس فهو يقترض ويرهن حتى لا يكلف لي أصحابه؛ ولهذا مات ودرعه مرهونة في ثلاثين صاعاً من شعير.
4 ـ شدة الحال وقلة ما في اليد عند النبي صلّى الله عليه وسلّم؛ ولهذا يمضي الشهر والشهران ولم توقد في أبياته نار, وإنما كان يقيتهم الأسودان.
فصلوات الله وسلامه عليه ما تعاقب الليل والنهار, وأسأل الله العلي العظيم أن يجعلنا من أتباعه المخلصين, وأن يحشرنا في زمرته يوم الدين
__________________
كن على حذر من الكريم إذا أهنته ومن اللئيم إذا أكرمته ومن
العاقل إذا أحرجته ومن الأحمق إذا رحمته
اللهم صل على سيدنا محمد كلما ذكره الذاكرون وغفل عن ذكره الغافلون ، وعلى آله وصحبه وسلم في كل لمحة ونفس وعدد ما وسعه علم الله .
اللهم صل على سيدنا محمد صلاة تملأ خزائن الله نوراً ، وتكون لنا فرجاً وفرحاً وسروراً.
ربي يسقيك من يد الحبيب المصطفى
جمعنا الله في جنته ….. آآآآميييين ….
الله يسعدك في الدنيا و الاخرة
بارك الله فيك
وجعله الله فى موازين حسناتك
ننتظر جديدك المميز
اللهم صل على سيدنا محمد كلما ذكره الذاكرون وغفل عن ذكره الغافلون ، وعلى آله وصحبه وسلم في كل لمحة ونفس وعدد ما وسعه علم الله .
يسعدني مرورك ميسووو