من السنن الإلهية في هذا الكون الفسيح.. سُنّة الانتقال والتغيير.
فالإنسان ينتقل من دار إلى دار.
ومن عمل إلى عمل.
ومن بلد إلى بلد.
وربما من دار الدنيا إلى دار الآخرة!.
وعندما يرغب المرء في الانتقال يحب أن يكون معه من يؤنس وحشته، ويخفف غربته، يساعده في طريقه، ويعينه على حاجاته؛ يتبادلان الأحاديث لقطع عناء الطريق.
ولذا عندما أراد أحدهم السفر والترحال.. رغب أن يكون له في طريقه صاحبٌ، فبدأ بإخوانه الثلاثة؛ لقرب النسب، وقوة السبب.
فقال للأول منهم: "يا فلان، أنا أخوك، ولي رغبة في السفر والترحال لقضاء حاجات العيال؛ فهل تكون رفيقي في دربي وصديقي في طريقي؟!!.
فبادره أخوه بالرفض القاطع، والجواب الموجع، فخرج الأخُ كسِيفَ الخاطر، مهيض الجناح!.
ثم ذهب إلى الثاني، وقال له كما قال للأول.
فبادره أخوه قائلاً: يا أُخي، بحكم القرابة والرحم سأذهب معك، وسأشيعك إلى أن تركب السيارة، وأعينك إلى أن تسير في الطريق وسأدعو لك بالحفظ والسلامة.
ولكن آمل أن تعذرني عن مصاحبتك! فعندي من مشاغل الدنيا ما يمنعني من السفر معك!".
فذهب للثالث؛ لعله أن يكون خير الثلاثة. فقال: "يا أخي، كلمتُ فلان وفلان، فقصّر الأول كثيراً، وأحسن الثاني قليلاً، فهل تكون خيرهم رِفادة وأحسنهم إفادة؟!".
فقال هذا الأخ: "أبشر يا فلان؛ سأكون لك خير الأصحاب إلى أن تعود إلى الأحباب، وترجع للأصحاب".
لعلك أخي القارئ تتفق معي أن خير الأخوة الثلاثة هو الثالث، وذلك لما امتاز به من صفات حميدة، وأخلاق مجيدة، وهكذا يكون حال الإنسان حينما يغادر هذه الحياة ويسافر إلى الدار الآخرة.
ففي ذلك السفر الذي تترتب عليه أمور رهيبة، وحقائق غريبة، يبحث المرء عن الأنيس، ويفتش عن الجليس، فلا يجد إلا ثلاثة:
فالأول: مالك الذي جمعته، ودرهمك ودينارك الذي كنزته، واجتهدت في جمعه وتحصيله!.
فيا ترى: ما موقفه منك عندما ترغب أن يكون أنيسك في قبرك؟!.
هيهات.. هيهات أن يصحبك في رحلتك!.
بل هو كالأول من الأخوة جفاءاً وبعداً، فهو يتخلى عنك في أحلك اللحظات!.
وأما الأهل والأولاد فهم كالثاني؛ يشيّعونك ويجهّزونك إلى قبرك، ثم يمكثون قليلاً، وينتظرون هويناً، ثم يتركونك وحدك!.
نعم يتركونك وحدك، ويعودن إلى مشاغلهم!.
الأولاد يعودون إلى أعمالهم، والزوجة بعد قضاء عدتها تبحث عن الزوج الحبيب!.
ولكن الذي يخفف مصيبتك، ويجبر خاطرك هو الصاحب الثالث!.
وهو عملك الذي كنت تعمله في حياتك.
سجلّاتك اليومية التي كنت تدوّنها.
تاريخك الطويل في هذه الحياة.
وهو الأخير، الثالث!.
فإن كانت لك أعمال حسان، ترضي المليك المنان؛ فأبشر بخير جليس، وأفضل أنيس.
وإن كان غير ذلك، فلا تلومنّ إلا نفسك!.
فيا من قصرت في صلاتك، وفرطت في طاعة ربك، وتعديت حدوده، وتجرأت على محارمه؛ اتق الله تعالى، وعد، فالعود أحمد.
واعلم أنّ الأيام محدودة، والأنفاس معدودة.
روى البخاري في صحيحة [6593] عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يتبع الميت ثلاثة، فيرجع اثنان ويبقى معه واحد، يتبعه أهله وماله وعمله، فيرجع أهله وماله، ويبقى عمله".
كتبه الشيخ د. محمد بن عبدالله الهبدان حفظه الله
من المقالات العجيبة للتأمل والتدبر
بل من أروع ماقرأت فأحببت أن تشاركوني متعة قراءة هذا المقال والاستفادة ممافيه
__________________
(ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين ولكن المنافقين لايعلمون)
بارك الله فيك اخوي
موضوع رائع
دمت بخير
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
وهذا الكلام يجب ان نضعه في الحسبان وامام اعيننا دائما جزاك الله خير الجزاء وكتب بكل حرف لك حسنه الى الضعف تحيتي |
||
جزاك الله الف خير
وجعلها في موازين حسناتك
يعطيك الف عافيه
تحياتي لك .,.,,,.,.,.,,.
تقبل مروري
هلا وغلا همسه من عاشق
جزاك الله خير الجزاء
وجعلها في موازين حسناتك
يعطيك الف عافيه دمت بحفظ الرحمن