صَبَاحُكُم مَسَاءُكُم مُعَطَّر
بِشَذَى الْيَاسَمِيْن الْابْيَض كَنَقَاء قُلُوْبِكُم الْبَيْضَاء
قَال صَلَّى الْلَّه عَلَيْه وَآَلِه وَسَلَّم
( إِيَّاكُم و الْحَسَد : فَإِنَّه يَأْكُل الْحَسَنَات كَمَا
تَأْكُل الْنَّار الْحَطَب ) رَوَاه أَبُو دَاوُد
عِنَدَمّا كُنْت صَغِيِر حَكَى لِي جِدِّي حِكَايَة ..
قَائِلَآ : كَانَت هُنَاك أَشْجَار تَعَيَّش مَع بَعْضِهَا جُنُبَآ الَى جَنْب
بِحُب و وِئَام كَانُو عَائِلَة حَقِيْقِيَة لِمَعْنَى الْأُخُوَّة
وَلَكِن فِي يَوْمَا مَا مَرِضْت أُحْدَى تِلْك الْأَشْجَار
وَبَدَأ الْسَّوَاد يَتَخَلَّل الَى جُذُوْرُهَا
حَتَّى تَمَكَّن مِن بَاقِي أَجْزَاءَهَا ابْتَعِدُو عَنْهَا الْبَاقِي
خَشْيَة مِن الأَصَابَة بِهَا
فَمَا عَلَيْكُم يَاأَبْنائِي أَن تُحَافِظُو عَلَى جُذُوْرُكُم
فَالَمُنْبَت الْطَّيِّب لَايَجْنِي إِلَا ثِمَارِا صَالِحَة
لَم أَكُن أُفُّهُم ذَاك الْمَغْزَى حِيْنَهَا
وَلَكِن مَع الْأَيَّام بَدَأَت تَتَّضِح لِي الْصُّوَرَة ..
فَمَا ذَاك الْسَّوَاد الَّذِي أَصَابَهَا إِلَا الْحِقْد الْمُمِيْت
الَّذِي يُصِيْب الْقَلْب وَيُسْتَمُلْكَه
اذامّاهُو مَعْنَى الْحِقْد بِنَظَرِك ؟؟!
الْحِقْد هُو سَوَاد الْقَلْب الْدَّفِيْن وَهُو مَرَض اذَا تُمَكَّن مِن صَاحِبَة
فَلَا عِلَاج لَه الَا بِقُدْرَة رَب الْعَالَمِيْن
وَقَد يَصِل الْحِقْد الَى الْحَسَد و الْكُرْه وَالْعِيَاذ بِالْلَّه مِنْه
مَعْنَى آَخَر
أَن الْحِقْد الْمَصْدَر الْدَّفِيْن لِكَثِيْر مِّن الْرَّذَائِل
الْحِقْد ثَمَرَة مِن الْغَضَب
الْحِقْد يُقْتَضَى الِتَشْفِى وَالانْتِقَام
الْحِقْد بِغَض شَدِيْد وَرَغْبَة فِي
الانْتِقَام مُضْمَرَة فِي نَفْس الْحَاقِد
الْحِقْد هُو إِضْمَار الْعَدَاوَة فِي الْقَلْب
وَالْتَّرَبُّص لِفَرْصَة الِانِتُفَام مِمَّن حِقْد عَلَيْه.
الْحِقْد هُو أَن يَتَمَنَّى الْأَخ زَوَال الْنِّعْمَة مِن بَيْن يَدَى أَخُوْه الْمُسْلِم
الْحِقْد صِفَة ذَمِيْمَة فِي نُفُوْس الْبَعْض
تَجْرِي مَجْرَى الْدَّم فِي عِرْوُقِهِم
وَلَا يُمْكِن ان تَقْف عَن حَد مُعَيَّن
حَتَّى لَو عُمِلَت لارِضَاء هَذَا الْحَاقِد
وَالْغَرِيْب ان فِي مُجْتَمَعِنَا أُنَاسَا يَحْقِدُون
عَلَى شَخْص آَخَر بِدُوْن اي سَبَب
امّا يَحْسُدُوْنَه عَن نِعْمَة الْمَال او الْعَمَل
او شَيْئ اخِر فَتَتَحَوَّل الَى مَرَض يَصْعُب عِلَاجِه
مَعْنَى آَخَر
الْحِقْد إِذَا تَمَكَّن مِن الْنَّفْس تَرَك بُقْعَة سَوْدَاء فِيْهَا
تَكَبَّر مَع الْوَقْت الَى إِن تَتَمَكَّن مِن الْشَّخْص فَيُصْبِح عِدَائِي
مُؤْذِي وَمُدَمِّر لِكُل شَيِئَآ جَمِيْل
فَحلّاة الْنَّفْس وَرَاحَتُهَا انَّك تُصَفِّي قَلْبِك
وَتُحِب لِلْنَّاس مَاتُحِبُّه لِنَفْسِك
وَتَقْنَع نَفْسَك انَّه الْدُّنْيَا ارْزَاق مُقَسَّمَة لِلْنَّاس مِن رَبِّي
فَلَا تَفَكَّر فِي يَوْم بِتَأَخَذ شَئ مَّو مَّقْسُوْم لَك
تِلْك الْارَاء جَمَعْتُهَا مِن بَعْض الْشَّخْصِيَّات بَعـهُدْنَا
فـمُهِمَّا أَخْتَلَفَت الْكَلِمَات يَبْقَى الْمَعْنَى وَاحِد
فَمَا دَفَعَنِي لِطَرْح هَذَا الْمَوْضُوْع لِمَا أَرَاه فِي هَذَا الْزَّمَن
مِن إِنْتَشَارِهَذِي الْآفَة بِشَكْل كَبِيْر
فَهَذَا يَقُوْل عَن غَيْرِه بِمَا لَيْس فِيْه
وَآَخِر يُنْعَت غَيْرُه بِكَلِمَات بَذِيْئَة وسَّوْقِيّة بِدُوْن اسْبَاب
وَلاتَعْلَم مَاهُو الْسَّبَب؟
تِلْك الْصِّفَة الذَمِيمُه لَاتَّصِيْب
الَا ضُعَفَاء الْنُّفُوْس وَالْقُلُوْب الْمَرِيضَة
وَالْتَعَامُل مَع هَذَا الْقَلْب الْمَلِيْئ بِالْحِقْد صَعْب جِدّا
وَلَيْس لَه عِلَاج الَا بَرَد السَّيِّئَة بِالْحَسَنَة او تَجَاهَلَهُم
فـ انْسَوْا مِن اسَاء الَيْكُم وَاعْفُوا عَن مَن ظَلَمَكُم
كَمَا قَال الْشَّاعِر ..
إِصْبِر عَلَى حَسَد حَسُوْد فَإِن صَبْرَك قَاتِلُه
كَالْنَّار تَأْكُل بَعْضَهَا إِن لَم تَجِد ماتَأْكُلَّه
فَلَا تَجْعَل قَلْبَك مَلَوَّثَا بِالْسَّوَاد وَعِش بْقَلْبا صَافِيا
تَلْقَى الْمَحَبَّة وَالاحْتِرَام مِن الْجَمِيْع
وَاخِيرا عِش حَيَاتَك بِقَلْب ابْيَض
لاحْقَد وَلَا بُغْض وَلَا عُدْوَان…
دمتو برعآيه الله