كيفية قضاء صلاة الوتر
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
جزاكم الله خيراً الشيخ الفاضل عبد الرحمن .
شكرا جزيلا لجهودكم الخيّرة ..
سؤال إن أمكن :
س : كيف اقضي صلاة الوتر ؟
اعتدت ان اصلي الوتر ركعة واحدة .. قبل الفجر ..
إذا نسيت أن أصليها مثلاً لسبب ما ..
فكيف اقضيها ؟ وكم عدد الركعات ؟ وماذا أقرا في كل ركعة ؟
وكم عدد التسليمات ؟ ومتى ؟
نرجو التوضيح حفظكم الله
الجواب :
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
وجزاك الله خيراً .
قضاء صلاة الوتر يكون شِفْعاً ، أي ركعتين ركعتين .
فمن كان يُوتِر بواحدة فنام عن وتره أو نسيه ، فإنه يُقضي الوتر من النهار ركعتين .
ومن كان يُوتِر بِثلاث ركعات ، فإنه يُقضي الوتر من النهار أربع ركعات . وهكذا .
ويكون وقت قضاء الوتر وقت صلاة الضحى ، أي من بعد طلوع الشمس وارتفاعها بقدر رُمح ، وهو يُقدّر بعشر دقائق إلى ربع ساعة تقريباً .
إلى قبيل أذان الظهر بعشر دقائق تقريباً .
فهذا هو وقت صلاة الضحى ، وهو وقت قضاء صلاة الوتر .
ودليل ذلك قوله عليه الصلاة والسلام : من نام عن حزبه أو عن شيء منه ، فقرأه فيما بين صلاة الفجر وصلاة الظهر ، كُتِبَ له كأنما قرأه من الليل . رواه البخاري ومسلم .
وفي حديث عائشة رضي الله عنها : كان إذا نام من الليل أو مرض صلى من النهار ثِنْتَي عشرة ركعة . رواه مسلم .
وذلك لأنه عليه الصلاة والسلام كان يُوتِر بثلاث عشرة ركعة ، فإذا قضاها من النهار صلاها شِفعاً ، أي ثنْتي عشرة ركعة .
وأما القراءة فيُقرأ في كل ركعة بالفاتحة وما تيسّر من القرآن .
أي ليس لها قراءة مُعينة بعد الفاتحة .
والأفضل أن يكون القضاء ركعتين ركعتين ، لقوله عليه الصلاة والسلام : صلاة الليل والنهار مثنى مثنى . رواه الإمام أحمد وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه .
قال الإمام البخاري : باب ما جاء في التطوع مثنى مثنى ، ويُذْكَر ذلك عن عمار وأبي ذر وأنس وجابر بن زيد وعكرمة والزهري رضي الله عنهم . وقال يحيى بن سعيد الأنصاري : ما أدركت فقهاء أرضنا إلا يُسَلِّمُون في كل اثنتين من النهار . اهـ .
ولأن القضاء يَحكي الأداء .
ومن صلى أربع ركعات بِسلام واحد لم يُنكَر عليه .
وهنا مسألة للفائدة ، وهي صلاة الوتر بعد طلوع الفجر ، وبعد أذان الفجر .
قال ابن عبد البر رحمه الله :
واختلف العلماء أيضا في الوتر بعد الفجر ما لم يُصَلّ الصبح ، فقال منهم القائلون : إذا انفجر الصبح فقد خرج وقت الوتر ، ولا يصلي الوتر بعد انفجار الصبح ، روي ذلك عن ابن عمر وعطاء والنخعي وسعيد بن جبير ، وبه قال الثوري وأبو حنيفة وأصحابه وإسحاق بن راهويه ، إلا أن أبا حنيفة كان يقول : إذا طلع الفجر فقد خرج وقت الوتر وعليه قضاؤه ؛ لأنه واجب عنده .
ومن حجة من جعل وقت الوتر آخر طلوع الفجر قوله صلى الله عليه وسلم في حديث ابن عمر هذا : فإذا خشيت الصبح فأوتر بواحدة
.
وحجتهم أيضا ما ذكره عبد الرزاق وغيره عن ابن جريج عن سليمان بن موسى عن نافع عن ابن عمر أنه كان يقول : من صلى الليل فليجعل آخر صلاته وترا ، فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر بذلك .
فإذا كان الفجر فقد ذهبت صلاة الليل والوتر ، فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : أوتروا قبل الفجر .
وقال آخرون : وقت الوتر ما بين صلاة العشاء إلى أن تصلي الصبح ، وممن أوتر بعد الفجر عبادة وابن عباس وأبو الدرداء وحذيفة وابن مسعود وعائشة ، وقد روي ذلك عن ابن عمر أيضا ، وبه قال مالك والشافعي وأحمد بن حنبل وأبو ثور كلهم يقول : يوتر ما لم يُصَلِّ الصبح . اهـ
وقال أيضا :
اخْتَلَف السلف من العلماء والخلف بعدهم في آخر وقت الوتر ، بعد إجماعهم على أن أول وقته بعد صلاة العشاء ، وأن الليل كله حتى ينفجر الصبح وقت له إذ هو آخر صلاة الليل
فقال منهم قائلون : لا يصلي الوتر بعد طلوع الفجر ، وإنما وقتها من صلاة العشاء إلى طلوع الفجر ، فإذا طلع الفجر فلا وتر .
وقال آخرون يصلي الوتر ما لم يُصل الصبح ، فمن صلى الصبح فلا يصلي الوتر .
رُوي هذا القول عن بن مسعود وبن عباس وعبادة بن الصامت وأبي الدرداء وحذيفة وعائشة .
وبه قال مالك والشافعي وأحمد بن حنبل وأبي ثور وإسحاق وجماعة .
وهو الصواب عندي ؛ لأني لا أعلم لهؤلاء الصحابة مخالفا من الصحابة .
فَدَلّ إجماعهم على أن معنى الحديث في مراعاة طلوع الفجر أريد ما لم تُصَلِّ صلاة الفجر .
ويحتمل أيضا أن يكون ذلك لمن قصده واعتمده ، وأما من نام عنه وغلبته عينه حتى انفجر الصبح وأمكنه أن يصليه مع الصبح قبل طلوع الشمس مما أريد بذلك الخطاب ، والله الموفق للصواب ، وإلى هذا المعنى أشار مالك رحمه الله .