اعلم أن لازمتها بالتوبيخ والمعاتبة كانت نفسك هي النفس اللوامة، ورجوت أن تصير النفس المطمئنة. كان أحد السلف يخاصم نفسه في المسجد، يقول: اجلسي، أين تريدين؟ أين تذهبين؟ أتخرجين إلى أحسن من هذا المسجد، انظري إلى ما فيه، تريدين أن تبصري دار فلان ودار فلان؟! فلا تغفلن ساعة عن معاتبتها فتقول لها: «يا نفس ما أعظم جهلك».
أما تعرفين ما بين يديك من الجنة والنار؟ أما تعلمين أن الموت يأتي بغتة؟ فإن لم يكن الموت فجأة، فيكون المرض فجأة، فمالك لا تستعدين للموت؟! أما تتدبرين قوله تعالى: }اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسَابُهُمْ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ مُعْرِضُونَ * مَا يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنْ رَبِّهِمْ مُحْدَثٍ إِلَّا اسْتَمَعُوهُ وَهُمْ يَلْعَبُونَ * لَاهِيَةً قُلُوبُهُمْ{ [الأنبياء: 1 – 3]، ويحك يا نفس؛ إن كانت جرأتك على معصية الله مع علمك باطلاعه عليك، فما أقل حياءك! أفتظنين أنك تطيقين عذابه؟! هيهات هيهات! جربي نفسك! فاحتبسي ساعة في الشمس ليتبين قدر طاعتك. أم تغترين بكرم الله؟ فما لك لا تعولين على كرم الله تعالى في مهمات دنياك؟!
ويحك يا نفس! ما أعجب دواعيك الباطلة! فقد تكفل الله لك بأمر الدنيا خاصة، وصرفك عن السعي فيها فكذبته بأفعالك، وأصبحت تتكالبين على طلبها، ووكل أمر الآخرة إلى سعيك فأعرضت عنها إعراض المغرور.
فما لك تسوفين العمل، أفتنتظرين يومًا يأتيك لا تعسر فيه مخالفة الشهوات؟ هذا يوم لم يخلقه الله قط، فلا تكون الجنة قط إلا محفوفة بالمكاره. كم تعدين نفسك وتقولين: غدًا غدًا؟
ولعلك تقولين: ما يمنعني عن الاستقامة إلا قلة صبري على الآلام والمشقات، إن كنت صادقة، فاطلبي التنعم بالشهوات الصافية، ولا مطمع في ذلك إلا في الجنة.
يا نفس، أما تستعدين للشتاء بقدر طول مدته؟ أفتظنين أن زمهرير جهنم أخف بردًا وأقصر مدة من زمهرير الشتاء؟ أفتظنين أن العبد ينجو منها بغير سعي؟ هيهات! كما لا يندفع برد الشتاء إلا بالجبة، فلا يندفع حر النار وبردها إلا بحصن التوحيد وخندق الطاعات.
ويحك يا نفس! ما أراك إلا ألفت الدنيا، فاحسبي أنك غافلة عن عقاب الله وثوابه، وعن أهوال القيامة وأحوالها، فما أنت مؤمنة بالموت المفرق بينك وبين محابك، ولذلك قال سيد البشر r: «أتاني جبريل فقل لي: يا محمد، عش ما شئت، فإنك ميت، وأحبب من شئت، فإنك مفارقه …» الحديث [رواه الحاكم وحسنه الألباني].
أو ما تنظرين إلى الذين مضوا، كيف بنوا وعلوا، ثم ذهبوا وخلوا؟ أما ترينهم كيف يجمعون ما لا يأكلون، ويبنون ما لا يسكنون، ويؤملون مالا يدركون؟ يعمر الواحد دنياه وهو مرتحل عنها يقينًا، ويخرب آخرته وهو صائر إليها قطعًا!
ولعلك يا نفس أسكرك ميل القلوب لك، وسيأتي زمان لا يبقى ذكرك ولا ذكر من ذكرك، كما أتى على الذين كانوا من قبلك، }هَلْ تُحِسُّ مِنْهُمْ مِنْ أَحَدٍ أَوْ تَسْمَعُ لَهُمْ رِكْزًا{ [مريم: 98].
فمن ذا يصلي عنك بعد الموت، ومن ذا يصوم عنك بعد الموت؟!
أما تعلمين يا نفس أن الموت موعدك، والقبر بيتك، والتراب فراشك، والدود أنيسك، والفزع الأكبر بين يديك؟!
فتوهم نفسك بعريك وانفرادك، بخوفك وأحزانك، وازدحمت الأمم كلها حتى اكتملت عدة أهل الأرض من إنسها وجنها وشياطينها ووحوشها، تناثرت نجوم السماء، وطمست الشمس والقمر، وأظلمت الأرض، وانشقت السماء، والملائكة انحدروا إلى الأرض للعرض والسؤال، وأدنيت الشمس من رؤوس الخلائق، ولا ظل لأحد إلا ظل عرش رب العالمين، وسال العرق على الأبدان، يظل العباد في موقفهم هذا خمسين ألف سنة، وكل منهم يقول: «نفسي نفسي»، فذهب الخلائق ينادون أولي العزم ليشفعوا لهم، ولما يئسوا من شفاعتهم أتوا النبي r فسألوه الشفاعة، ثم قام إلى ربه واستأذن عليه فأذن له، وأجابه الله بتعجيل حسابهم، وإيتاء العباد كتابهم، والحساب منه العسير ومنه اليسير، ومنه التكريم ومنه التوبيخ، إنه مشهد جليل عظيم، فنسأل الله أن ينجينا بفضله وكرمه.
تفكري الآن فيما يحل بك من الفزع بفؤادك إذا رأيت الصراط ودقته، ثم وقع بصرك على جهنم من تحته، ثم قرع سمعك شهيق النار وتغيظها، وقد كلفت أن تمشي على الصراط مع ثقل ظهرك من الأوزار، المانعة لك من المشي على بساط الأرض، فكيف بك إذا وضعت عليه إحدى رجليك، والخلائق بين يديك يزلون، وتناولتهم زبانية النار بالخطاطيف والكلاليب، فيا له من منظر ما أفظعه!!
أسأل الله تعالى أن يجعلنا في اليوم من الفائزين وأن يغفر ذنوبنا.
ويحك يا نفس تزينين ظاهرك للخلق، وتبارزين الله في السر بالعظائم، أهو أهون الناظرين عليك؟! أتأمرين الناس بالخير وأنت له ناسية!
وكيف تعجبين بعملك مع كثرة خطاياك.
أما تخافين إذا بلغت النفس منك التراقي، أن تبدو رسل ربك منحدرة إليك بسواد الألوان، وكلح الوجوه، وبشرى بالعذاب؟! فهل ينفعك حينئذٍ الندم، أو يقبل منك الحزن، أو يرحم منك البكاء؟!
والعجب كل العجب، أنك مع هذا تدعين البصيرة والفطنة، ومن فطنتك أنك تفرحين كل يوم بزيادة مالك، ولا تحزنين بنقصان عمرك! ويحك يا نفس، تعرضين عن الآخرة وهي مقبلة عليك، وتقبلين على الدنيا وهي معرضة عنك!
فاحذري أيتها النفس المسكينة يومًا إلى الله فيه على نفسه أن لا يترك عبدًا أمره في الدنيا ونهاه، حتى يسأله عن عمله دقيقه وجليله سره وعلانيته، فانظري يا نفس بأي بدن تقفين بين يدي الله، وبأي لسان تجيبين، وأعدي للسؤال جوابًا.
فإن كانت القساوة تمنعك عن قبول الموعظة، فاستعيني عليها بدوام التهجد والقيام، فإن لم تزل، فبالمواظبة على الصيام، فإن لم تزل، فبقلة المخالطة والكلام، فإن لم تزل، فبصلة الأرحام واللطف بالأيتام، فإن لم تزل، فاعلمي أنه قد تراكمت ظلمة الذنوب على قلبك، فواظبي على الاستعانة بأرحم الراحمين، واشتكي إلى أكرم الأكرمين، لعله أن يرحم ضعفك ويغيثك، فإن مصيبتك قد عظمت، واخشعي في تضرعك، لأنه يرحم المتضرع الذليل، وجيب دعوة المضطر، وقد أصبحت اليوم مضطرة وإلى رحمته محتاجة، وقولي: يا أرحم الراحمين، يا حليم يا عظيم يا كريم، أنا المذنب المصر، هذا مقام الفقير الضعيف الهالك، فعجل إغاثتي وفرجي، وأذقني برد عفوك ومغفرتك، وارزقني قوة عظمتك، يا أرحم الرحمين.
وكان عبد الله البجلي كثير البكاء، يقول في بكائه: إلهي، أنا الذي كلما طال عمري زادت ذنوبي.
وقال أبو بكر الصديق رضي الله عنه: من مقت نفسه في ذات الله آمنه الله من مقته.
وكان بعضهم يقول: إذا ذكر الصالحون فأف لي وتف.
موضوع مهم للغاية أختي الكريمة رذاذ
بالفعل توبيخ النفس أو عتابها اذا صح التعبير مهم جدا ويستحسن أن يحاسب الإنسان نفسه كل يوم قبل أن ينام
بإسترجاع سلسلة أعماله في هذا اليوم
جزاك الله بالجنة يا الطيبة
هلا اخوي
يسلمووو ع الرد وجزاك الله كل الخير
يعطيك الف عاافيه
تحيتي
جزاك الله خير اخت راذاذ
وجعلها الله بميزان حسناتك
جزاك الله كل خير ونفع بك امته الاسلاميه
وجعل الله ما قدمته في ميزان حسناتك
بارك الله فيك وانار الله دربك وقلبك بنورالهدى
تقبلي مروري ولك وديوردي
جزاكم الله كل الخير ع الرد الراائع
يعطيكم الف عاافيه يارب
احتراامي لكم
حآسب نفسكـ قبل أن تُحااسب .. هذا ما يجب أن يكون منآ ..
تقديري غاليتي …
يسلموووو الاياادي ع الرد
يعطيكم الف عاافيه
ودي