ديوان الشاعر … حافظ ابراهيم – صور حافظ ابراهيم – نبذة عن حياة الشاعر المصري حافظ ابراهيم – شاعر النيل
محمد حافظ بن إبراهيم فهمي المهندس المشهور باسم حافظ إبراهيم (ولد في ديروط من محافظة أسيوط 24 فبراير 1872 – 21 يونيو 1932 م) شاعر مصري ذائع الصيت. عاشر أحمد شوقي ولقب بشاعر النيل وبشاعر الشعب.
حياته
ولد حافظ إبراهيم على متن سفينة كانت راسية على النيل أمام ديروط وهي مدينة بمحافظة أسيوط من أب مصري وأم تركية. توفي والداه وهو صغير. وقبل وفاتها، أتت به أمه إلى القاهرة حيث نشأ بها يتيما تحت كفالة خاله الذي كان ضيق الرزق حيث كان يعمل مهندسا في مصلحة التنظيم. ثم انتقل خاله إلى مدينة طنطا وهنالك أخذ حافظ يدرس في الكتاتيب. أحس حافظ إبراهيم بضيق خاله به مما أثر في نفسه، فرحل عنه وترك له رسالة كتب فيها:
ثقلت عليك مؤونتي إني أراها واهية
فافرح فإني ذاهب متوجه في داهية
بعد أن خرج حافظ إبراهيم من عند خاله هام على وجهه في طرقات مدنية طنطا حتى انتهى به الأمر إلى مكتب المحام محمد أبو شادي، أحد زعماء ثورة 1919، وهناك اطلع على كتب الأدب وأعجب بالشاعر محمود سامي البارودي. وبعد أن عمل بالمحاماة لفترة من الزمن، التحق حافظ إبراهيم بالمدرسة الحربية في عام 1888 م وتخرج منها في عام 1891 م ضابط برتبة ملازم ثان في الجيش المصري وعين في وزارة الداخلية. وفي عام 1896 م أرسل إلى السودان مع الحملة المصرية إلى أن الحياة لم تطب له هنالك، فثار مع بعض الضباط. نتيجة لذلك، أحيل حافظ على الاستيداع بمرتب ضئيل.
شخصيته
كان حافظ إبراهيم إحدى أعاجيب زمانه، ليس فقط في جزالة شعره بل في قوة ذاكرته التى قاومت السنين ولم يصيبها الوهن والضعف على مر 60 سنة هى عمر حافظ إبراهيم، فإنها ولا عجب إتسعت لآلاف الآلاف من القصائد العربية القديمة والحديثة ومئات المطالعات والكتب وكان بإستطاعته – بشهادة أصدقائه – أن يقرأ كتاب أو ديوان شعر كامل في عده دقائق وبقراءة سريعة ثم بعد ذلك يتمثل ببعض فقرات هذا الكتاب أو أبيات ذاك الديوان. وروى عنه بعض أصدقائه أنه كان يسمع قارئ القرآن في بيت خاله يقرأ سورة الكهف أو مريم او طه فيحفظ ما يقوله ويؤديه كما سمعه بالروايه التى سمع القارئ يقرأ بها.
يعتبر شعره سجل الأحداث، إنما يسجلها بدماء قلبه وأجزاء روحه ويصوغ منها أدبا قيما يحث النفوس ويدفعها إلى النهضة، سواء أضحك في شعره أم بكى وأمل أم يئس، فقد كان يتربص كل حادث هام يعرض فيخلق منه موضوعا لشعره ويملؤه بما يجيش في صدره.
مع تلك الهبة الرائعة، فأن حافظ صابه – ومن فترة امتدت من 1911 إلى 1932 – داء اللامباله والكسل وعدم العناية بتنميه مخزونه الفكرى وبالرغم من إنه كان رئيساً للقسم الأدبى بدار الكتب إلا أنه لم يقرأ في هذه الفترة كتاباً واحداً من آلاف الكتب التى تذخر بها دار المعارف، الذى كان الوصول إليها يسير بالنسبه لحافظ، تقول بعض الآراء ان هذه الكتب المترامية الأطراف القت في سأم حافظ الملل، ومنهم من قال بأن نظر حافظ بدا بالذبول خلال فترة رئاسته لدار الكتب وخاف من المصير الذى لحق بالبارودى في أواخر أيامه.
كان حافظ إبراهيم رجل مرح وأبن نكتة وسريع البديهة يملأ المجلس ببشاشته و فكاهاته الطريفة التى لا تخطأ مرماها.
وأيضاً تروى عن حافظ أبراهيم مواقف غريبة مثل تبذيره الشديد للمال فكما قال العقاد ( مرتب سنة في يد حافظ إبراهيم يساوى مرتب شهر ) ومما يروى عن غرائب تبذيره أنه استأجر قطار كامل ليوصله بمفرده إلى حلوان حيث يسكن وذلك بعد مواعيد العمل الرسمية.
مثلما يختلف الشعراء في طريقة توصيل الفكرة أو الموضوع إلى المستمعين أو القراء، كان لحافظ إبراهيم طريقته الخاصة فهو لم يكن يتمتع بقدر كبير من الخيال ولكنه أستعاض عن ذلك بجزالة الجمل وتراكيب الكلمات وحسن الصياغة بالأضافة أن الجميع اتفقوا على انه كان أحسن خلق الله إنشاداً للشعر. ومن أروع المناسبات التى أنشد حافظ بك فيها شعره بكفاءة هى حفلة تكريم أحمد شوقى ومبايعته أميراً للشعر في دار الأوبرا، وأيضاً القصيدة التى أنشدها ونظمها في الذكرى السنوية لرحيل مصطفى كامل التى خلبت الألباب وساعدها على ذلك الأداء المسرحى الذى قام به حافظ للتأثير في بعض الأبيات، ومما يبرهن ذلك ذلك المقال الذى نشرته إحدى الجرائد والذى تناول بكامله فن إنشاد الشعر عند حافظ. ومن الجدير بالذكر أن أحمد شوقى لم يلقى في حياته قصيدة على ملأ من الناس حيث كان الموقف يرهبه فيتلعثم عند الإلقاء.
أقوال عن حافظ إبراهيم
حافظ كما يقول عنه خليل مطران "أشبه بالوعاء يتلقى الوحى من شعور الأمة وأحاسيسها ومؤثراتها في نفسه, فيمتزج ذلك كله بشعوره و إحساسه، فيأتى منه القول المؤثر المتدفق بالشعور الذى يحس كل مواطن أنه صدى لما في نفسه". ويقول عنه أيضاً "حافظ المحفوظ من أفصح أساليب العرب ينسج على منوالها ويتذوق نفائس مفرادتها وإعلاق حلالها." وأيضاً "يقع إليه ديوان فيتصفحه كله وحينما يظفر بجيده يستظهره، وكانت محفوظاته تعد بالألوف وكانت لا تزال ماثلة في ذهنه على كبر السن وطول العهد، بحيث لا يمترى إنسان في ان هذا الرجل كان من أعاجيب الزمان".
وقال عنه العقاد "مفطوراً بطبعه على إيثار الجزالة و الإعجاب بالصياغة والفحولة في العبارة."
كان أحمد شوقى يعتز بصداقه حافظ إبراهيم ويفضله على أصدقائه. و كان حافظ إبراهيم يرافقه في عديد من رحلاته وكان لشوقى أيادى بيضاء على حافظ فساهم في منحه لقب بك و حاول ان يوظفه في جريدة الأهرام ولكن فشلت هذه المحاولة لميول صاحب الأهرام – وكان حينذاك من لبنان – نحو الإنجليز وخشيته من المبعوث البريطانى اللورد كرومر.
وفاته
توفي حافظ إبراهيم سنة 1932 م في الساعة الخامسة من صباح يوم الخميس، وكان قد أستدعى أثنان من أصحابه لتناول العشاء ولم يشاركهما لمرض أحس به. وبعد مغادرتهما شعر بوطئ المرض فنادى غلامه الذى أسرع لإستدعاء الطبيب وعندما عاد كان حافظ في النزع الاخير، توفى رحمه الله ودفن في مقابر السيدة نفيسة.
وعندما توفى حافظ كان أحمد شوقى يصطاف في الإسكندرية و بعدما بلّغه سكرتيره – أى سكرتير شوقى – بنبأ وفاة حافظ بعد ثلاث أيام لرغبة سكرتيره في إبعاد الأخبار السيئة عن شوقي ولعلمه بمدى قرب مكانة حافظ منه، شرد شوقي لحظات ثم رفع رأسه وقال أول بيت من مرثيته لحافظ:
قد كنت أوثر أن تقول رثائي
يا منصف الموتى من الأحياء
آثاره الادبية
الديوان.
البؤساء: ترجمة عن فكتور هوغو.
ليالي سطيح في النقد الاجتماعي.
في التربية الاولية. ( معرب عن الفرنسية)
الموجز في علم الاقتصاد. ( بالإشتراك مع خليل مطران )
اتمنى من اعضاء نهر الحب اثراء الموضوع في الردود
كل الحب 5
أثرتَ بنا مِنَ الشَّوقِ القديمِ
أثرتَ بنا مِنَ الشَّوقِ القديمِ
وذِكرَى ذلكَ العيشِ الرَّخيمِ
وأيّامٍ كَسَوناها جَمَالاً
وأرقَصنا لها فَلَكَ النَّعيمِ
مَلأناها بنا حُسناً فكانت
بجِيدٍ الدَّهرِ كالعِقِدِ النَّظِيمِ
وفِتيانٍ مَساميحٍ عليهم
جلابيبٌ منَ الذَّوقِ السَّليمِ
لهمْ شيمٌ ألذُّ من الأمانِي
وأطربُ منْ معاطاة ِ النَّديمِ
كهمِّكَ في الخَلاعَة ِ والتَّصابِي
وإنْ كانوا على خُلُقٍ عَظيمِ
ودعوتهم إلى أنسٍ فوافَوا
موافاة َ الكريمِ إلَى الكريمِ
وَجَاءُوا كَالْقَطا وَرَدَتْ نَميراً
عَلى ظمَإٍ وهَبُّوا كالنَّسِيمِ
وكانَ اللَّيْلُ يمرحُ في شبابٍ
ويَلهُو بالمَجَرَّة ِ والنُّجُومِ
فواصَلنا كُؤوسَ الرّاحِ حتى
بَدَتْ للعينِ أنوارُ الصَّريمِ
وأعملنَا بهَا رأيَابنِ هاني
فألحِقْنا بأصحابِ الرَّقيمِ
وظَبْيٍ مِنْ بنِي مِصْرٍ غَرِيرٍ
شَهِيَّ اللَّفظِ ذي خَدٍّ مَشيمِ
ولّحْظٍ بابليٍّ ذِي انكسارِ
كأنَّ بطرفهِ سيما اليتيمِ
سقانَا في مُنادَمَة ٍ حديثاً
نَسِينَا عِنْده بِنْتَ الكُرُومِ
سَلامُ اللهِ يا عَهدَ التَّصابي
عليكَ وفِتيَة ِ العَهدِ القَديمِ
أحِنُّ لهم ودُونَهُمُ فَلاة ٌ
كأنَّ فَسِيحَها صَدرُ الحَليمِ
كأنَ أديمَهَا أحشاءُ صَبٍّ
قدْ التهبتْ مِنَ الوجْدِ الأليمِ
كَأنَّ سَرَابَها إِذْ لاَحَ فِيها
خِداعٌ لاحَ في وجهِ اللَّئيمِ
تَضِلُّ بليلهِا لِهْ بٌفتَحْكِي
بوادي التِّيهِ أقوامَ الكَليمِ
وتَمشي السّافياتُ بها حَيارَى
إذا نُقِلَ الههجيرُ عن الجحيمِ
فمَن لي أنْ أرى تلك المَغاني
ومافيها من الحُسنِ القَديمِ
فما حَظُّ ابنِ داوُدٍ كحَظِّي
ولاَ أُوتيتُ مِنْ عِلْمِ العليمِ
ولا أنا مُطلَقٌ كالفِكرِ أسري
فاستَبِقُ الضَّواحِكَ في الغُيُومِ
ولكنّي مُقَيَّدَة ٌ رِحَالِي
بقَيدِ العُدمِ في وادي الهُمومِ
نَزَحتُ عن الدّيارِ أرُوَّمُ رِزقي
وأضرِبُ في المهامِة ِ والتُّخُومِ
وما غادَرتُ في السُودان قَفراً
ولم أصبُغ بتُربَتِه أديمي
وهأَنا بين أنيابِ المَنايا
وتحت بَراثِنِ الخَطبِ الجَسيمِ
ولولاَ سَوْرَة ٌ للمجدِ عِندي
قَنِعْتُ بعيشتِي قَنَعَ الظَّليمِ
أيابْنَ الأكرَمين أباً وجَدّاً
ويا بنَ عُضادَة ِ الدِّنِ القَويمِ
أقامَ لدِيننَا أَهلُوكَ رُكْناً
له نَسَبٌ إلى رُكنِ الحَطيمِ
فما طافَ العُفاة ُ به وعادُوا
بغيرِ العسجدية ِ واللطِيمِ
أتَيْتُكَ والخُطُوبُ تُزِفُّ رَحلِي
ولي حالٌ أرقُّ مِنَ السَّديمِ
وقدْ أصْبَحْتُ مِنْ سَعْيِ وكَدحِي
على الأرزاقِ كالثَّوبِ الرَّديمِ
فلاَ تُخْلقْ-فُدِيتَ-أديمَ وجَهِي
ولا تَقطَعْ مُواصَلَة َ الحَميمِ
أيُّهَا الوَسميُّ زُرْ نبتَ الرُّبَا
أيُّهَا الوَسميُّ زُرْ نبتَ الرُّبَا
واسبِق الفَجْرَ إلى رَوْضِ الزَّهَرْ
حَيِّهِ وانثرْ على أكمامِه
منْ نطافِ الماءِ أشباهَ الدُّرَرْ
أَيُّها الزَّهْرُ أَفِقْ مِنْ سِنَة ٍ
واصطَبِحْ مِنْ خَمْرَة ٍ لَم تُعْتَصرْ
منْ رحيقٍ أمُّه غادية ٌ
ساقَهَا تحتَ الدُّجَى روحُ السَّحَرْ
وانفحِ الرَّوضَ بنشرٍ طيِّبٍ
عَلَّه يُوقِظُ سُكّانَ الشَّجَرْ
إنَّ بِي شوقاً إلَى ذِي غُنَّة ٍ
يُؤْنِسُ النَّفْسَ وقدْ نامَ السَّمَرْ
إيهِ يا طَيْرُ ألاَ مِنْ مُسْعِدٍ
إنّني قد شَفَّني طُولُ السَّهَرْ
قُمْ وصَفِّقْ واستَحِرْ واسجَعْ ونُحْ
واروِ عنْ إسحاقَ مأثورَ الخبرْ
ظَهَرَ الفَجْرُ وقد عَوَّدْتَني
أنْ تُغَنِّينِي إذَا الفَجْرُ ظَهَرْ
غَنِّني كَمْ لكَ عِندي مِنْ يَدٍ
سَرَّتِ الأَشْجانَ عَنِّي والفِكَرْ
اخْرِق السَّمْعَ سِوَى مِنْ نَبَأٍ
خَرَقَ السَّمعَ فأدمَى فوَقَرْ
كُلَّ يَوْمٍ نَبْأَة ٌ تَطْرُقُنا
بعجيبٍ منْ أعاجيبِ العِبَرْ
أممٌ تفنَى وأركانٌ تهِي
وعُرُوشٌ تتهاوَى وسُرُرْ
وجُيُوشٌ بجيوشٍ تلتقِي
كسُيُولٍ دَفَقَتْ في مُنْحَدَرْ
ورجالٌ تتبارَى للرَّدَى
لا تُبالي غابَ عنها أمْ حَضَرْ
منْ رآهَا في وغَاهَا خالهَا
صِبْيَة ً خَفَّتْ إلَى لِعبِ الأُكَرْ
وحُرُوبٌ طاحِناتٌ كلَّما
أُطْفئتْ شَبَّ لَظاها واسْتَعَرْ
ضَجَّتِ الأَفْلاكُ مِنْ أَهْوالِها
واستعاذَ الشمسُ منهَا والقَمَرْ
في الثَّرَى في الجَوِّ في شُمِّ الذُّرَا
في عُبابِ البَحْرِ ، في مَجْرَى النَّهَرْ
أسرفتْ في الخلقِ حتَّى أوشكوُا
أنْ يبيدُوا قبلَ ميعادِ البَشَرْ
فاصْمِدوا ثمَّ احمدُوا اللَّه عَلَى
نِعْمَة الأَمْن وطِيبِ المُسْتَقَرّ
نعمة الأمنِ وما أدراكَ ما
نِعمة الأمن إذَا الخطبُ اكفهرْ
واشْكُروا سُلْطانَ مِصْرٍ واشكُرُوا
صاحبَ الدّولة محمودَ الأَثَرْ
نحن في عَيْشٍ تَمَنَّى دُونَه
أممٌ في الغربِ أشقاهَا القدَرْ
تَتَمَنَّى هَجْعَة ً في غِبْطَة ٍ
لمْ تُساوِرْهَا اللَّيالِي بالكَدَرْ
إنّ في الأَزْهَرِ قوماً نالَهُمْ
مِنْ لَظَى نِيرانِها بَعْض الشَّرَرْ
أَصْبَحُوا – لا قَدَّرَ اللهُ لنا-
في عناءٍ وشقاءٍ وضجرْ
نُزلاءٌ بيننَا إنْ يُرْهَقُوا
أوْ يُضامُوا إنّهَا إحدَى الكُبَرْ
فأعينُوهُمْ فهُمْ إخْوانُكُمْ
مُسَّهُمْ ضُرٌّ ونابَتْهُمْ غيَرْ
أَقْرِضُوا اللهَ يُضاعِفْ أَجْرَكُمْ
إنّ خَيْرَ الأَجْرِ أَجْرٌ مُدَّخَرْ
أَلْبَسُوكِ الدِّماءَ فَوْقَ الدِّماءِ
أَلْبَسُوكِ الدِّماءَ فَوْقَ الدِّماءِ
وأرَوْكِ العِداءَ بعد العِداءِ
فلَبِسْتِ النَّجِيعَ منْ عهدِ قابيـ
ـلَ وشاهَدتِ مَصرَعَ الأبرياءِ
فلكِ العُذرُ إن قَسَوتِ وإن خُنْـ
ـتِ وإن كنتِ مَصدراً للشَّقاءِ
غَلِطَ العُذْرُ،ما طَغَى جَبَلُ النَّا
رِ بإرْسالِ نَفْثَة ٍ في الهَواءِ
أحرَجُوا صَدرَ أُمِّهِ فأراهُمْ
بعضَ ما أَضْمرَتْ مِنَ الْبُرَحاءِ
اسْخَطُوهَا فصابَرَتْهُمْ زَماناً
ثمّ أنحَتْ عليهمُ بالجَزاءِ
أيّها الناسُ إنْ يكُنْ ذاكَ سُخْطُ الـ
أرْضِ ماذا يكونُ سُخْطُ السَّماءِ؟
إنّ في عُلْوِ مَسْرحاً للمقادِيـ
ـرِ وفي الأرضِ مَكْمَناً للقَضاءِ
فاتّقوا الأَرْضَ والسَّماءَ سَواءً
واتّقوا النارَ في الثَّرى والفَضاءِ
أَجادَ مَطْرانُ كعاداته
أَجادَ مَطْرانُ كعاداته
وهكذا يُؤْثَرُ عَنْ قُسِّ
فإنْ أَقِفْ مِنْ بَعْدِه مُنْشِداً
فإنّما مِنْ طِرْسِه طِرْسي
رَثَى حَبِيباً وَرَثَى بَعْدَه
لذلِكَ المُوفي على الرَّمْسِ
كانَا إذا ما ظَهَرا مِنْبَراً
حَلاَّ مِنَ السّامِعِ في النَّفْسِ
فأَصْبَحَا هذا طَواهُ الرَّدَى
وذاكَ نَهْبٌ في يَدِ البُؤْسِ
لولا سَلِيمٌ لَم يَقُلْ قائِلٌ
ولَمْ يَجُدْ مَنْ جادَ بالأمْسِ
للهِ ما أَشْجَعَه إنّـه
ذُو مِرَّة ٍ فِينَا وذُو بَأْسِ
يَقُومُ في مَشْرُوعِهِ نافِذاً
كأنّهعَنْتَرَة ُ العَبْسِي
تَلْقاهُ في الجِدِّ كما تَبْتَغِي
وتارَة ً تَلْقاهُ في الهَلْسِ
سَرْكِيسُ إنْ راقَكَ ما قُلْتُه
في مَعْرِضِ الهَزْلِ فَقُلْ مِرْسِيٌ
أقْسِمُ باللَّـهِ وآلائِـه
بعَرْشِه باللَّوْحِ بالكُرْسِي
بالخُنَّسِ الكُنَّسِ في سَبْحِها
بالبَدْرِ في مَرْآهُ بالشَّمْسِ
بأنّ هذا عَمَلٌ صالحٌ
قامُ به هَذا الفَتَى القُدْسِي
ذَكَّرَنا والمَرْءُ مِنْ نَفْسِه
وعَيْشِه في شاغِلٍ يُنْسِي
بالواجِبِ الأَقْدَسِ في حَقِّ مَنْ
باعَتْه مِصْرٌ بَيْعَة َ الوَكْسِ
هذاأبُوا العَدْلِفمَنْ خالَه
حَياً فما خَالَ سِوَى العَكْسِ
كانت له في حَلْقِه ثَرْوَة ٌ
مِنْ نَبْرَة ٍ تُشْجي ومِنْ جَرْسِ
فغالَها الدَّهْرُ كما غَالَه
حتّى غَدَا كالطَّلَلِ الدَّرْسِ
فاكتَسِبُوا الأَجْرَ ولا تَبْتَغُوا
شِراءَه بالثَمَنِ البَخْسِ
إنِّي أَرى التَّمْثِيلَ في غَمْرَة ٍ
غامِرَة ٍ تَدْعُو إلى اليَأُسِ
لَم يَرْمِه في شَرْخِه ما رَمى
لو كان مَبْنِياً على أُسٍّ
أَكُلَّما خَفَّتْ به صَحْوَة ٌ
مِنْ دائِه عُوجِلَ بالنَّكْسِ
إنْ تُغْفِلُوا دارِسَ آثارِه
عَفَّى عَليْها الدُّهْرُ بالطَّمْسِ
أَعْجَزَها النُّطْقُ فجاءَتْ بِنا
نَنُوبُ عنْ أَلْسُنِها الخُرْسِ
أَخشَى مُرَبِّيَتي إذا
أَخشَى مُرَبِّيَتي إذا
طَلَعَ النَّهارُ وأفزَعُ
وأظلُ بين صواحبِي
لعِقابِها أَتَوَقَّعُ
لا الدَّمعُ يَشفَعُ لي ولا
طُولُ التَّضَرُّعِ يَنْفَعُ
وأَخافُ والِدَتي إذا
جَنَّ الظَّلامُ وأجزعُ
وأبيتُ أرتقِبُ الجزَا
ءَ وأعْيُنِي لاَ تَهْجَعُ
ما ضَرَّني لو كنتُ أسْـ
ـتمعُ الكَلامَ وأخضعُ
ما ضَرَّنِي لو صُنْتُ أثْـ
ـوابِي فلاَ تتقطَّعُ
وحَفِظْتُ أوراقي بمَحْـ
ـفَظَتِي فلاَ تَتَوَزَّعُ
فأعيشُ آمِنَة ً وأَمـْ
ـرَعُ في الهناءِ وأرتعُ
أَحْياؤُنَا لاَ يُرْزَقُونَ بِدرهمٍ
أَحْياؤُنَا لاَ يُرْزَقُونَ بِدرهمٍ
وبألفِ ألفٍ تُزْرَقُ الأمواتُ
منْ لي بحظِّ النائمين بِحُفرة ٍ
قامَتْ على أَحْجارِها الصَّلواتُ
يَسعَى الأنامُ لها ، ويَجري حَولَها
بَحْرُ النُّذُورِ وتُقرَأ الآياتُ
ويقالُ:هذَا القُطْبُ بابُ المُصطَفَى
ووَسِيلَة ٌ تُقضَى بهَا الحاجاتُ
أَخْرِقُ الدُّفَّ لو رَأيْتُ شَكِيبَا
أَخْرِقُ الدُّفَّ لو رَأيْتُ شَكِيبَا
و أفُضُّ الأَذْكارَ حتَّى يَغيبَا
هو ذِكري وقِبلَتي وإمامي
و طبيبِي اذَا دَعَوْتُ الطَّبيبَا
لو تَراني وقد تَعَمَّدتَ قَتلي
بالتَّنائي رأيتَ شيخاً حَريبَا
كانَ لا ينحنِي لغَيرِكَ إِجْلا
لاً ولا يَشتَهي سواكَ حَبيبا
لا تَعِيبَنَّ يا شكيبُ دبيبِي
إنّما الشيخُ مَن يَدِبُّ دَبيبا
كم شرِبتَ المُدامَ في حَضرَة ِ الشَّيْـ
خِ جِهاراً وكمْ سُقِيتَ الحَليبَا
وإذا أدنَفَ الشُّيوخُ غرامٌ
كنتُ في حَلبَة ِ الشُّيوخِ نَقيبا
عُدْ إلينا فقد أطَلتَ التَّجافي
واركبِ البَرْقَ إنْ أَطقْتَ الرُّكُوبَا
وإذَا خِفْتَ ما يُخَاف مِن اليَمِّ
ـمِّ فَرَشنا لأخمَصَيكَ القُلوبا
وَدَعَونا بِساطَ صاحِبِ بِلقِيـ
ـسَ فلَبَّى دُعاءَنا مُستَجيبا
وأمَرنا الرِّياحَ تَجري بأمرٍ
منكَ حتى نَراكَ مِنّا قَريبا
أَدِيمُ وجهِكَ يا زِنْدِيقُ لوْ جُعِلَتْ
أَدِيمُ وجهِكَ يا زِنْدِيقُ لوْ جُعِلَتْ
منه الوِقايَة ُ والتَّجليدُ للكُتُبِ
لم يَعلُها عَنكَبُوتٌ أينَما تُرِكتْ
و لاَ تُخافُ عليها سَطْوَة ُ اللَّهبِ