حوار ساعة الرحيل
قالت : أريد أن أراكَ قبل الرحيل
واذكرنى كصديقة ..
قلت : غدا ً ترحلين وتغادرين دربَ هوانا .
فلماذا أصررت ِعلى رؤيتي اليوم ؟
قالت : كي أودعك قبل الرحيل .
قلت : ما أرحم الرحيل بلا وداع !!
قالت : أردت أن أراكَ للمرة الأخيرة قبل أن
أغادر واحتك وأهجر ذلك الركن الجميل
قلت : قبل أن ترحلى إلى رجل ٍ آخر اختاره
عقلك بمنطق مغلوط !!
قالت : أنتَ تعلم أني لم أختره بإرداتي
لكنه من وطنى وقد أجبرتنى الظروف على ذلك
قلت : حديثٌ عقيم اعتاد العشاق على ترديده عند
المحطة الأخيرة من الحكايه .. فترفعى عنه
حفاظاً على صورة جميلة لك في قلبي
قالت : لماذا تصرّ على ذبحي وإيلامى بسخريتك ؟!
قلت : ذبحك ؟ ومَن أنا كي أذبحك يا سيدتي ؟
أنا مجرد بطل أدى دوره في حكايتك بكل صدق وإخلاص ووفاء
قالت : أنت بالنسبة لى كل شيء وقدْرُك عندى رفيع
قلت : أنا بقايا حكاية فاشلة ، ختمْتها أنتِ بقانون العقل
ثم جئت ِ الآن كي تتلاعبى بالبقايا
قالت : أتلاعب ؟!
تدرك جيداً أن إحساسي نحوك كان صادقاً
قلت : كان صادقا ًبقلبك .. وكذ ّبه عقلك
قالت : افهمني أرجوك ، قد يمّرالإنسان بظروف تجبره
على التخلي عن أشياء يؤلمه التنازل عنها ..
قلت : لم يُبق لي الحزن مساحة لفهم أشياء لم تعد
تجدى وقد سَتر الظلام سبيلى .
قالت : أنا أحببتك جداً و كنتَ عمري كله
لكنها الظروف أقامت بيننا السدود .
قلت : لم أكن عمرك كله .. كنتُ مرحلة ًمن عمرك
وأيام خوالى .. وانتهت .
قالت : كنت أجمل لحظات العمر ..
إنك تلك المرحلة من العمر التي لاتطفئ
السنوات أنوارهَا أبدا ، ولاتغلق الأيام أبوابها .
قلت : ………………. ؟!
قالت : لماذا أنت صامت ؟
نظراتك الدامعه تذبحنى
وتكاد تقضي على آخر خيوط المقاومه داخلك .
قلت : غدا ًترحلين … وينتسب اسمك لرجل غيرى
فماذا يجب أن أقول ؟
هل أتظاهر بالفرح ؟
هل أعزف لك ِ لحن الوداع ؟!
أم أغني لك ِ أغنيه الزفاف
التي يصرخ بها قلبي الآن ؟!
قالت : أعلم أن لحظات الفراق مؤلمة ..
قلت : ليس دائما سيدتي . . فأحيانا لاتكون مؤلمة
أحيانا تكون قاتلة . . كالجلطة الدماغية
تدمركل خلايانا ولا يتبقى إلا الصمت
قالت : هل يؤلمك فراقي ؟
قلت : فراقك يقتلني . . يرفعني من فوق
هذه الأرض . . يأخذني إلى أعلى ارتفاع
فوق الكره الأرضية ويلقي بي بلا انتهاء
قالت : ماذا تتمنى الآن ؟
قلت : أتمنى أن أفقد ذاكرتى .. أو يذهب عقلى
قالت : كي تمسح تفاصيلي من ذاكرتك
أو من صفحة عقلك .
قلت : كي أنسى موعد إعدامي غدا
كي لا تلمحك عيناي وأنت تتقدمين في اتجاه آخر معاكس
تحملين بيديك ِعمري كله كي تنثرينه تحت قدميك
قالت : لاتحمِّـل قلبي فوق طاقته
فبي من الحزن الكثير
وفؤادى يعصره الألم .. والدمع فى الأحداق
قلت : بل أنا يا سيدتى من يتحمل الآن فوق طاقته
فلا أحد يعلم مرارة إحساس رجل ٍعاشق
ليلة رحيل محبوبته إلى فارس آخر .
قالت : لكن قلبي سيبقى معك .
قلت : وما ينفعني قلب امرأة مضت كي تمنح جسدها
وحياتها وعمرها لسواي .
تاركة خلفها هذا الكم المخيف من الحزن
والذكرى والعذاب والحنين .. وبقايا رجل ؟
قالت : بكاؤك يمزقني .
قلت : لايجب أن تتمزقى أوتحزنى
فقد اختاره عقلك دونى ، ونسينى قلبك
يجب أن تكونى في قمة فرحك
وقمة أناقتك وقمة قسوتك
فغداً سترحلين إليه وتتركينى
تمنحينه حبك .. وتمنحينى عذاب بُعدك .
قالت : ليالي عمري أنت وأعْـلمُ أني ضيعتها
تحت سيطرة العقل وإغفال عاطفة القلب
قلت : وليالي عذابي أنتِ . . وأعلم أنها ستضيعني
بل ستقضى عليّ وعلى آمالى فى الحياة .
قالت : لا أستحق منك كل هذا الحزن ووخزالإبر
لماذا تريد أن تحملنى ذنباً لم أقترفه .
قلت : شعورك بالذنب هو اعتراف بظلمك لى
وأنا لا أستحق منك كل هذا الخذلان وإغفال حق القلب
قالت : خذلتني الظروف فخذلتك .. سامحني
اغفر لقلبي الذي أحبك .. اغفرلظروفي
التي خذلتك .. لا تأخذنى بذنب أكرهت عليه .
قلت : قد أغفر يوما .. لكن هل سأنساك ِ؟؟
هل ستطوَى صفحتك من ذاكرتى ؟؟
قالت : قد يأتي النسيان يوما ً.. فيسقطني من أجندة ذاكرتك .
قلت : أخشى أن يأتي بعد أن أفقد القدرة على البدء من جديد
وتتعثر خطاى على درب الحياة
قالت : سأرحل الآن . . فلا تبك ِأمامى
شكرا ًعلى أجمل أيام وأغلى إحساس وأطيب قلب
وترحل تاركة ً خلفها رجلا ً تنزف منه الدموع
مع أرق تحياتى
نسيم الليل
23 / 9 / 2024