تخطى إلى المحتوى

حلقـة بحث المنهج المادّي في دراسة العلوم 2024.

المنهج المادّي في دراسة العلوم
مسألة: لا يتسنى التعرّف على روح الأمّة، وشخصيتها المعنوية، وفلسفة التاريخ بمنهج العلوم الطبيعية من فيزيـاء وكيمياء؛ إذ هذه العلوم الطبيعية لا تكشف إلاّ عمّا هو ظاهري وخارجي، بينما فلسفة التاريخ أمرٌ معنوي، وروح عامة. والماضي التاريخي والمستقبل الآتي والحاضر أمر روحي، ولا يمكن التعرّف على الروح من الظاهر، وإنّما الروح هي التي تعرف الروح، أمّا الظاهر فيعرَّف بظاهر ويعرِّف الظاهر. فالروح الداخلية للإنسان هي التي يمكن أن تكشف روح العصر سابقاً أو حالاً أو مستقبلاً، فلابدّ للمؤرِّخ الذي يريد أن يتعرّف على شخصية الأمّة ويصل إلى روحها العامة ـ ممّا نسميه بفلسفة التاريخ ـ أنْ يتفاعل مـع الأمّـة وأنْ يستشعر فـي ذاته تراث الأمّة، ولا يتسنى فهم ذلك من خلال الأمور الطبيعية والعلوم الظاهرية، فإنّ الإنسان ليس مجرّد عقل، ولا مجرّد عاطفة، ولا ما ينبع عنهما من الإرادة المنتهية إلى الأعمال الخارجية، بل الإنسان كلّ ذلك.
وفي هذه الأمور الفردية تختفي الروح العامة كما لا تفهم شخصية الإنسان إلاّ في ضوء هذه الجوانب كلّها، أي إنّك إذا أردت أن تعرف زيداً، فلابدّ أن تسبر عقله، وتعرف عواطفه، وتدري كيفية استخدامه لإرادته، كذلك الروح المميّزة للأمّة في عصر معيّن، لا تفهم إلاّ في ضوء مكوّناتها جميعاً. وليست هذه الأمور مجرّد أفعال خارجية، وأمور ظاهرية من اقتصاد، وسياسة، واجتماع، وتربية، وفكر، وما أشبه ذلك، وإنّما طبيعة باطنية، تكمن خلف هذه الأفعال، وتشكّلها في صور مختلفة، ونواحٍ متعدّدة، وكما لا يمكن فهم الإنسان الواحد إلاّ من خلال مرور الزمان، وعبر مظاهر إرادته، وليست البواعث الذاتية محدّدة تحديداً جازماً لسلوكه، كما تحدّد خصائص الشجرة وفقاً للبذرة، وكذلك بالنسبة إلى الحيوان، فإنّ البذرة، والحيوان الصغير، إذا رآه الإنسان، وكان عارفاً بنوعيته وخصوصياته، يعرف الشجرة، والحيوان الكبير المتحوّل من هذا الحيوان الصغير، وليس الإنسان كذلك من حيث علاقته بالتاريخ الماضي، وكذلك المستقبل، فإنّ الحياة البشرية طابعها الاستمرار كلّ لحظة، ترتبط بأخرى لتكوِّن وحدة متكاملة، وهذا الإنسان يتغيّر تغيّراً سريعاً، ويتنوّع تنوّعاً مختلفاً، وبينما نشاهد أنّ الحيوان منذ أنْ حفظ التاريخ لم يتغيّر عن حالته السابقة، وإنّما يعمل النحل بكيفية خاصّة، والنملة بكيفية خاصّة، وهكذا بالنسبة إلى الأسد، والدبّ، وسائر الحيوانات، بينما نرى الإنسان في ارتقاء وانخفاض، وصعود ونزول، وتوقف وتحرّك، لأنَّ الإنسان يحمل إرادة واعية، ويتصرُّف باختيار، وحرية في المواقف التي تواجهه، لذلك لا يمكن تخمين رد الفعل الإنساني في استجابته. أمّا الحيوان؛ فإنّه يتصرّف حسب غريزته؛ لذلك يكون ردُّ فعله واحداً.
كما هو بالنسبة إلى الفرد، كذلك بالنسبة إلى الأمّة، فإنّ الإرادة والاختيار شيء غريب في الإنسان لا يعرف حقيقتهما إلاّ الله سبحانه وتعالى، وقال عزَّ وجلَّ: ((الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى))(99)؛ أيّ خلقه وهداه إلى مصالحه مستمرّاً وهكذا في الحيوان على نحو واحد، مع تغيير يسير في سلوكه وحياته، وكذلك حال الشجرة، والفرق بينهما الروح الحيوانية، وعدم الروح الحيوانية. كما أنّ هناك فرقاً آخر بين الحيوان والشجر، إنّ الشجر مرتبط بالأرض، بينما الحيوان يتحرّك هنا وهناك، بينما الإنسان يختار، ويفعل، ويتغيّر يوماً بعد يوم، ارتفاعاً ونزولاً، وقلّةً وكثرةً، وتجدّداً وتجمّداً.
وتفهم الحياة الإنسانية في ضوء الاستمرار، والتنوّع، والتغيّر في الزمان، وليس هناك أيّ كائن حيّ آخر تتسم حياته بذلك حسب علمنا، إذ نحن لم تصل علومنا إلـى معرفة سائر الكائنات الحيّة بخصوصياتها كالجنّ، والملك، والشيطان، وما أشبه ذلك، لكن مقتضى أنّ الأنبياء بعثوا إلى الجن والأنس، وأنّ الجن أيضاً له شبه بالإنس في بعض الخصوصيات، ولذا كان عرضة للامتحان، والسؤال والجواب، والثواب والعقوبة، ولكن من الظاهر أنّه لا يصل إلى حدّ الإنسان في الوصول إلى هذه الخصوصيات، ولذا فقد ورد في الأحاديث: (إنّ محلّ الجنّ الصالح الأعراف لا الجنّة) .
ومن ناحية أخرى، فإنّ حاضر الإنسان مشحون في الماضي، كما أنّ الحاضر مشحون بتوقّعات المستقبل، ولذا نجد آنات الزمان لدى الإنسان في ديمومة، وانفصال، واستمرار، وعلوّ، وهبوط، وتجدّد، ولا نجد مثل هذا الاتّصال أو الاستمرار في العالم الطبيعي، ولا في مثل عالم الحيوان والشجر. وإذا انتقلنا من الفرد إلى المجتمع، وجدنا الماضي ماثلاً في الحاضر على نطاق أكثر اتساعاً متّخذاً شكل تراث من أنظمة، وعقائد، وأفكار، ومعارف، وصنائع، واقتصاديات، وسياسيات، واجتماعيات، وغير ذلك ممّا يشكّل تراث الأمم، ومن ذلك نعرف شخصيات أولئك والروح العامة فيهم ممّا نسميه بفلسفة التاريخ، والمقولات الأساسية التي تميّز الزمان التاريخي هي التنوّع، والتغيّر، والديمومة، والصعود، والنزول، والتجدّد، والتجمّد.
ولابدّ أن تكون للمؤرّخ الذي يريد دراسة التاريخ، والوصول إلى الروح العامة منه، حاسّة تاريخية كي يدرك ذلك، ومن ثمّ يتجنّب النظر إلى الماضي باعتباره صورة مماثلة للحاضر من جانب السابق، وهكذا بالنسبة إلى المستقبل في الجانب الآتي. فلا يستطيع المؤرخ أن يستنسخ الماضي، أو المستقبل حسب محدوديته، ونظرته الضيقة في الحاضر.

المنهج المادّي في دراسة العلوم

يسلموو سكران

منـورَ حبي سـآمَ

وَدي ط®ظ„ظٹط¬ظٹط©

حلقـة بحث المنهج المادّي في دراسة العلوم
يسآـمو خيو ط®ظ„ظٹط¬ظٹط©

يعطيگك آلعـآفيههٓ . .

وديٍ . .} ط®ظ„ظٹط¬ظٹط©

سلمت .. ودام ابداعك
ط®ظ„ظٹط¬ظٹط©ط®ظ„ظٹط¬ظٹط©
ط®ظ„ظٹط¬ظٹط©

يسآـموَ موَدي ع آلـمرورَ

وَدي ط®ظ„ظٹط¬ظٹط©

يسآـموَ فورَ جي ع آلـمرورَ

وَدي (~ ط®ظ„ظٹط¬ظٹط©

يسآـموَ ميسوِ مروركَ أنيق أختي
وَدي (~ ط®ظ„ظٹط¬ظٹط©

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.