في ليلة ليلاء من نوفمبرٍ
فزعت من نومي لصوت رنين
فإذا كلاب الصيد تهجم بغتةً
وتحوطني عن شمالٍ ويمين
فتخطفوني من ذوي وأقبلوا
فرحاً بصيد ٍللطغاة سمين
وعزلت عن بصر الحياة وسمعها
وقذفت في قفص العذاب الهون
في ساحة (الحربي) حسبك باسمه
من باعث للرعب قد طرحوني
ما كدت أدخل بابه حتى رأت
عيناي ما لم تحتسبه ظنوني
في كل شبر للعذاب مناظرٌ
يندى لها -والله – كل جبين
فترى العساكر والكلاب معدة
للنهش طوع القائد المفتون
هذي تعض بنابها وزميلها
يعدو عليك بسوطه المسنون
ومضت علي دقائق وكأنها
مما لقيت بهن بضع سنين
يا ليت شعري ما دهانِ؟ وماجرى؟
لا زلت حياً أم لقيت منوني؟
عجباً أسجن ذاك أم هوغابةٌ
برزت كواسرها جياع بطون ؟
أأرى بناء أم أرى شقي رحى
جبارة للمؤمنين طحونِ؟
واهاً أفي حلم أنا أم يقظةً
أم تلك دار خيالة وفتون ؟
لا لا أشك هي الحقيقة حية
أأشك في ذاتي وعين يقيني ؟
هذي مقدمة الكتاب فكيفما
تحوي الفصول السود من مضمون ؟
هذا هو (الحربي) معقل ثورة
تدعو إلى التحرير والنكوين
فيه زبانية أعدوا للأذى
وتخصصوا في فنها الملعون
متبلدون عقولهم بأكفهم
وأكفهم للشر ذات حنين
لا فرق بينهمو وبين سياطهم
كل أداة في يدي مأفون
يتلقفون القادمين كأنهم
عثروا على كنزٍ لديك ثمين
بالرجل بالكرباج باليد بالعصا
وبكل أسلوبٍ خسيسسٍ دونِ
لا يقدرون مفكراً ولو أنه
في عقل سقراط وأفلاطون
لا يعبئون بصالحٍ ولو أنه
في زهد عيسى أو تقى هارون
لا يرحمون الشيخ وهو محطمٌ
والظهر منه تراه كالعرجون
لا يشفقون على المريض وطالما
زادوا أذاه بقسوةٍ وجنون
كم عالمٍ ذي هيبة وعمامةٍ
وطئوا عمامته بكل مجون
لو لم تكن بيضاء ما عبثوا بها
لكنها هانت هوان الدين
وكبيرِ قومٍ زينته لحيةٌ
أغرتهمو بالسبِّ والتلعين
قالوا له :انتفها -بكل وقاحةٍ
لم يعبأوا بسنينه الستين
فإذا تقاعس أو أبى ياويله
مما يلاقي من أذىً وفتون
أترى أولئك ينتمون لآدمٍ
أم هم ملاعينٌ بنو ملعون ؟
تالله أين الآدمية منهمو
من مثل محمودٍ ومن ياسين
من جودة أو من دياب ومصطفى
وحمادةٍ وعطية وأمين
لا تحسبوهم مسلمين من اسمهم
لا دين فيهم غير سبّ الدين
لا دين يردع لا ضمير محاسبٌ
لا خوف شعبٍ لا حمى قانون
من ظن قانوناً هناكف إنما
قانوننا هو حمزة البسيوني
جلاد ثورتهم وسوط عذابهم
سموه زوراً قائد السجون
وجه عبوس قمطرير حاقدُ
مستكبر القسمات والعرنين
في خده شجٌ ترى من خلفه
نفساً معقدةً وقلب لعين
متعطشٍ للسوءِ في الدم والغٍ
في الشرّ منقوعٍ به معجونِ
هذا هو الحربي معقل ثورة
تدعو إلى التطوير والتحسين
هو صورة صغرى استعيرت من لظى
في ضيقها وعذابها الملعون
هو مصنع للهول كم أهدى لنا
صوراً تذكرنا بيوم الدين
هو فتنة في الدين لولا نفحه
من فيض إيمانٍ وبرد يقين
قل للعواذل إن رميتم مصرنا
بتخلف التصنيع والتعدين
مصر الحديثة قد علت وتقدمت
في صنعة التعذيب والتقرين
وتفننت – كي لا يمل معذَّبٌ
في العرض والإخراج والتلوين
أرأيت بالإنسان يُنفخ بطنه
حتى يُرى في هيئة البالون ؟
أسمعت بالإنسان يُضغط رأسُه
بالطوق حتى ينتهي لجنون ؟
أسمعت بالإنسان يُشعل جسمُه
ناراً وقد صبغوه بالفزلين ؟
أسمعت ما يلقى البرئ ويصطلي
حتى يقول: أنا المسئُ خذوني
أسمعت بالآهات تخترق الدجى
رباه عدلك .. إنهم قتلوني
إن كنت لم تسمع فسل عمّا جرى
مثلي ولا ينبيك مثل سجين
واسأل ثرى الحربي أو جدرانه
كم من كسير فيه أو مطعون
وسل السياط السود كم شربت دماً
حتى غدت حمراً بلا تلوين
وسل (العروسة) قبحت من عاهرٍ
كم من جريحٍ عندها وطعين
كم فتية زفوا إليها عنوة
سقطوا من التعذيب والتوهين
واسأل (زنازين) الجليد تجبك عن
فن العذاب وصنعة التلقين
بالنار أو بالزمهرير فتلك في
حينٍ وهذا الزمهرير بحين
يُلقى الفتى فيها ليالي عارياً
أو شبه عارٍ في شتا كانون
وهناك يملي الاعتراف كما اشتهوا
أو لا فويل مخالفٍ وحرون
وسل (المقطم) وهو أعدل شاهدٍ
كم من شهيدٍ في التلال دفين
قتلته طغاة مصر أبشع قتلةٍ
لا بالرصاص ولا القنان المسنون
بل علقوه كالذبيحة هيئت
للقطع والتمزيق بالسكين
وتهجدوا فيه ليالي كلها
جلدٌ وهم في الجلد أهل فنون
فإذا السياط عجزن عن إنطاقه
فالكي بالنيران خير ضمين
ومضت ليالٍ والعذاب مسجّرٌ
لفتى بأيدي المجرمين رهين
لم يعبؤوا بجراحه وصديدها
لم يسمعوا لتأوهٍ وحنين
قالوا اعترف أو مت فأنت مخيّرٌ
فأبى الفتى إلا اختيار منون
وجرى الدم الدفاق يسطر في الثرى
يا إخوتي استشهدت فاحتسبوني
لا تحزنوا إني لربي ذاهبٌ
أحيا حياة الحر لا المسجونِ
وامضوا على درب الهدى لا تيأسوا
فاليأس أصل الضعف والتهوين
قل للذي جعل الكنانة كلها
سجناً وبات الشعب شر سجين
يا أيها المغرور في سلطانه
أمن النضار خلقت أم من طين ؟
يا من أسأت لكل من قد أحسنوا
لك دائنين فكنت شر مدين
يا ذئب غدرٍ نصبوه راعياً
والذئب لم يك ساعة بأمين
يا من زرعت الشر لن تجني سوى
شرٍ وحقدٍ في الصدور دفين
سيزول حكمك يا ظلوم كما انقضت
دول أولات عساكر وحصون
ستهب عاصفةٌ تدك بناءه
دكاً وركن الظلم غير ركين
ماذا كسبت وقد بذلت من القوى
والمال بالآلاف والمليون ؟
أرهقت أعصاب البلاد ومالها
ورجالها في الهدم لا التكوين
وأدرت معركة تأجج نارها
مع غير (جونبولٍ) ولا كوهين
هل عدت إلا بالهزيمة مرّةٍ
وربحت غير خسارة المغبون ؟
وحفرت في كل القلوب مغاوراً
تهوي بها سفلاً إلى سجّين
وبنيت من أشلائنا وعظامنا
جسراً به نرقى لعليين
وصنعت باليد نعش عهدك طائعاً
ودققت إسفيناً إلى إسفين
وظننت دعوتنا تموت بضربةٍ
خابت ظنونك فهي شر ظنون
بليت سياطك والعزائم لمتزل
منّا كحدّ الصارم المسنون
إنا لعمري إن صمتنا برهةً
فالنار في البركان ذات كمون
تا لله ما الطغيان يهزم دعوةً
يوماً وفي التاريخ برُّ يميني
ضع في يدي ّ القيد ألهب أضلعي
بالسوط ضع عنقي على السكّين
لن تستطيع حصار فكري ساعةً
أو نزع إيماني ونور يقيني
فالنور في قلبي وقلبي في يديْ
ربّي .. وربّي ناصري ومعيني
سأعيش معتصماً بحبل عقيدتي
وأموت مبتسماً ليحيا ديني
قصيدة يوسف القرضاوى عن التعذيب فى سجون عبد الناصر
قصيدة جميله
يسلمو دياتك أخى
دومتى مميز
تحياتى
ن25
تسلم اسير نورت حبى
قصيدة يوسف القرضاوى عن التعذيب فى سجون عبد الناصر..
يعطيك العافيه لن
مششكور علي القصيدة
تسلمى الغالية تيمورية لكى كل الود
موفق بإذن الله … لك مني أجمل تحية .
نورتى قمرهم انا لكى كل الود