تخطى إلى المحتوى

حلقـةُ بحثِ التجرّد من الأهواء فـي دراسة التاريخ 2024.

  • بواسطة

التجرّد من الأهواء فـي دراسة التاريخ
مسألة: يجب على من يريد تحليل التاريخ وتناول فلسفته، التجرّد عن العواطف، والأهواء، والميول، والاتّجاهات السابقة، وإلاّ فالإنسان بطبعه يميل إلى الأهواء، والتبرير، وبذلك لا يتمكّن من تناول فلسفة التاريخ تناولاً واقعياً، وإنّما يفسّر التاريخ حسب نظره وبعيداً عن المنطق.
فالموضوعية مطلوبة في كلّ شيء، وخصوصاً في التاريخ، ولذا نشاهد أنّ الشيوعيين، يفسّرون التاريخ استناداً للعامل الاقتصادي، وفرويد(110)، يفسّر التاريخ حسب نظره إلى قضايا الجنس (111)، والبروتستانت، يفسّرون التاريخ حسب نظر مارتين لوثر(112) الإصلاحي، والكاثوليك، يفسّرون التاريخ على عكس ذلك، وهكذا نشاهد بين المسلمين من يفسّر التاريخ حسب وجهة نظر ابن خلدون(113)؛ لأنّهم يأخذون بمذهبه فـي التاريخ، بينما هناك من يرفض آراء ابن خلدون، ويفسّرون التاريخ خلاف ذلك، فتعارض التفسيرات التاريخية هو نتيجة اختلاف وجهات النظر بين المؤرّخين، لكن الواقع لا يحمل إلاّ شكلاً واحداً، لا يمكن أن يكون هذا صحيحاً، وهذا صحيحاً، والصحيح إمّا في شيء ثالث، أو في أحدهما فقط، أو يكون بينهما عموم من وجه، فالبعض من هذا، والبعض من ذاك، أو البعض من هذا، والبعض من الأمر الثالث.
وليس الخلاف بين المؤرّخين ومن يذكرون التاريخ التحليلي هو نتيجة اختلاف العقائد، والأفكار، والمذاهب، والآراء، والاتّجاهات فقط سواء كان الأمر مرتبطاً بالاقتصاد، أو السياسة، أو الاجتماع، أو التربية، أو الفكر، أو ما أشبه ذلك. وقد ورد أنّ الإمام الصادق (ع)، كتب إلى ثلاثة من تلاميذه كلمة جيم، ففهم أحدهم من الجيم جلاء الوطن والأمر بترك الوطن. وفهم الثاني الذهاب إلى الجبال. وفهم الثالث الجنون، حتّى لا يُعتقلوا أيّام الخلفاء الجائرين.
والحاصل: أن التجرّد عن الميول، والأهواء، والاتّجاهات المسبقة، من الشروط الأساسية لذكر فلسفة التاريخ. وقد روي أنّ امرأة جاءت إلى رسول الله (ص)؛ ليقوم الرسول بنهي ابنها عن أكل التمر، فأرجأه الرسول إلى وقت آخر. ثمّ جاءت المرأة إلى الرسول (ص) مع ولدها، فنهاه الرسول عن أكل التمر؛ لأن التمر كان مضراً له، ولمّا سألت المرأة عن سبب الإرجاء؛ علل الرسول (ص) أنّه في ذلك اليوم الذي جئتي إليَّ كنت قد أكلت التمر، ومن فعل شيئاً لا يؤثّر كلامه في الآخرين، إذا أراد نصيحتهم في ذلك الشيء، فبناءً على صحة هذه الواقعة، فإنّ الرسول الأكرم (ص)، أراد تعليم الناس، وتذكيرهم بأنّ لا فائدة من الأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، إذا لم يلتزم الشخص عملياً بالأمر والنهي، يقول الشاعر:
لا تنهَ عن خلقٍ وتأتي مثله*** عارٌ عليك إذا فعلت عظيمُ(114)
ونقل أنّ الشيخ مرتضى الأنصاري(115)، سئل عـن مسألة، فأرجأ الجواب. فسألوا عن سبب إرجائه مع أنّه يعلم جواب المسألة، فقال: لأنّي أميل إلى هذا الجانب، وما قصدت أن أذكر جواباً يمكن أن يصدر عن ميل، وإنّما أردت مراجعة المسألة مرّة ثانية، للتدقيق فيها، حتّى أقول الجواب المجرّد عن الميول، وإن كانت الميول ميولاً فقهية(116).
فاللازم على من يريد تحليل التاريخ، أن يتجرّد عن ميوله، وينظر إلى الواقع بما هو واقع. وهذا وإن كان صعباً بالنسبة إلى غير المعصوم، لكنّه صعب يجب سلوكه، كما قال الشاعر:
لابدّ من صنعا***وإن طال السفر
وقول بعض علماء الغرب: إنّ تعارض التفسيرات التاريخية نتيجة اختلاف وجهات نظر المؤرّخين، لا يلغي بعضها بعضاً، وإنّما يكمّل بعضها البعض، وذاك أمرٌ ضروري طالما لا يمكن تحقيق الإجماع على قبول وجهة نظر معيّنة، وطالماً أنّ التاريخ تاريخ فكر لا وقائع؛ لا يخلو من التأمل.
إذ من الواضح أنّ هذا غير صحيح، فهل يمكن أن يكمّل المتناقضان أحدهما الآخر، أو المتضادان، أو فيما كانت النظريتان على طرفي ارتفاع النقيضين.
وعلى هذا، يلزم على الباحث أن يعرف وجهة نظر المؤلّف، وفكره، ومبادئه، وعقائـده، واتّجاهاتـه، ومناحـي نظرياته قبل فهم المادّة التاريخية التي يحرّرها، وكلّما كان الإنسان أقرب إلى البحث، والفحص، والتفتيش، والمناقشة، والمباحثة، وما أشبه ذلك، يكون أقرب إلى الموضوعية، والواقعية، وفلسفة التاريخ، وهذا الأمر هو الذي يقرّب الإنسان إلى الواقع في العلوم التي ليست كالهندسة، والرياضيات، وما أشبـه ذلك مـن الأمـور القطعية أمثال بعض مباحث علم الفلك.

سلمت .. ودام ابداعك
ط®ظ„ظٹط¬ظٹط©ط®ظ„ظٹط¬ظٹط©
ط®ظ„ظٹط¬ظٹط©

يسآـموَ ميسوٍ ع آلـمرورَ

وَدي (~ ط®ظ„ظٹط¬ظٹط©

يسلمووو الاياادي سكران

يسآـموَ إميرةَ مروٍركَ إنيق

ط®ظ„ظٹط¬ظٹط©

يسآـموَ محمٍدَ منَورٍَ حبيَ

وَدي ط®ظ„ظٹط¬ظٹط©

منَورٍ ئـآـبي كآزآَ

وَدي ط®ظ„ظٹط¬ظٹط©

حلقـةُ بحثِ التجرّد من الأهواء فـي دراسة التاريخ

يسلموو سكران ط®ظ„ظٹط¬ظٹط©

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.