تكسية الرخام . . وجماليات الزخرفة الإسلامية
مع ازدهار الحضارة الإسلامية وما صاحبها من نهضة عمرانية واسعة تميزت بالإعتناء الفائق بجماليات العمارة وزخرفتها . ازدهرت صناعة الرخام وانتشر استخدامه في عمائر المسلمين الدينية والمدنية ، فاستعمل في الأرضيات ، في تكسية الجدران والفسافي (النافورات) واحواض الحمام كما استخدم في المنابر وتلبس المنارات ، وكاعمدة رابطة في سمك البناء ، فضلاً عن استخدامه في صنع التأثيل وألعاب الأطفال .
وجاء ذكر الرخام في المصادر التاريخية القديمة في معرض وصفها للمدن الإسلامية ، فيذكر المؤرخ "بن ظهيرة" في كتابه : "الفضائل الباهرة في محاسن مصر والقاهرة أن جوامع ومدارس وأربطة وبيوت مصر كانت مزخرفة بألوان الرخام العجيبة الثمينة البهية المنظر ، وأن حماماتها كانت في غاية الحسن في بنائها من كثرة الرخام والزخرفة .
وذكر "ابن فضل العمري" أن الجامع الأموي في دمشق استخدم في بنائه الرخام الملون كالغرابي والمنقط والمشحم والأحمر والأخضر والسماقي ، وهي أنواع الرخام في ذلك الوقت :
وأشار "المقريزي" في كتابه الخطط إلى تنافس سلاطين وأمراء الممالك في إنشاء الأبنية ذات الزخارف والجدران والأعمدة الرخامية .
وشهد عصر "خماروية" ازدهاراً وتوسعاً كبيراً في استخدام الرخام ، حتى صنعت منهتماثيل لأشكال آدمية وحيوانية ازدانت بها قصور الأمراء ومنشآتهم ، وكان هناك تمثال من الرخام على شكل أسد في مقياس النيل في الروضة كان يتخذ كعلامة لوصول منسوب النيل إلى حد معين .
وقد ورثت القاهرة الفاطمية في فترة لاحقة هذه التقاليد الفنية في صناعة الرخام، ووصلت إلينا من آثار قصور الفاطميين ألواح من الرخام تحفل برسوم منحوتة نحتاً بارزاً لكائنات حية .
ولدينا أيضاً من العصر المملوكي عنابر رخامية منحوتة باشكال كتابية من الخط الكوفي والنسخي لبعض الآيات القرآنية ، مثل منبر ضريح السلطان برقوق ، ومنبرجامع الخضيري وجامع أف سنقر ومنبر جامع السلطان حسن .
وتوجد في المتحف الإسلامي في القاهرة تحف رخامية منقولة من القصور والمساجد مثل مجموعة "ازيار" للمياه مختلفة الأحجام بيضاوية الكل ومنحوتة من قطعة واحدة ولها قواعد من الرخام أيضاً ، وبه أيضاً ألواح من الرخام التي كانت تسمى شاذروانان (أو سلبيلان).
وقد تعدد أنواع الرخام في ذلك العصر بتعدد أشكاله ومواطنه ، وكان لكل نوعاسم خاص به أطلقه عليه أهل الصنعة ، أو قد تكون الأسماء ماخوذة أسماء وصفات للنباتات أو للحيوانات والطيور أو للمواطن التي جلب منها. فكان منه رخام (زرزوري، وقطقاطي ، ومشمش ، ونوار ، وزنجي ، وغردي ، وبندقي وياسميني ، وحلبي ، وخليلي ، وغزالي ، وحجازي ، والمجزع ن والمشحم ، والسماقي.. وغيرها) .
وهناك نوع آخر أطلق عليه اسم "الألباستر" وهو رخام نصف شفاف في بعض الأجزاء ومعتم في البعض الآخر ، وذو عروق متموجة مزركشة يتغير لونها من البياض إلى الزعفراني .
وكان تصنيف الرخام حسب المصدر أو البلد المستخرج منها ، مثل السومي وهو أسود ، والصعيدي أو البلدي وهو أبيض.
وقد يكون الاسم أطلق للتمييز بين أنواع الصخور كالسماقي ، والصوان ، أو أطلق على أساس الوصف العام للرخام مثل المجزع والمشحم والمعرق أو أطلق حسب اللون وهو نوعان الأول يمثل الأبيض ، والأزرق والأحمر ، والثاني صفات وأسماءنبات كالمشمش والياسمين ونوار الفول أو ألوان نسبتها إلى طيورمثل الزرزوري والغرابي .
كذلك يكون الاسم أطلق للدلالة عن جمع أكثر من نوع مثل الصواني الغربي ، والصواني القطقاطي ، والأحمر الخليلي ، والمسن الحجازي ، والأخضر المرسيني والأخضر الريحاني .
ونظراً لندرة مصادر الرخام وعدم كفاية ما تخرجه المحاجر المحلية من الأنواع والألوان المطلوبة لسد احتياجات الحركة العمرانية الواسعة ، اتجه السلاطين والأمراء إلى استيراد الرخام من الخارج وخاصة من إيطاليا وجزر البحر المتوسط القريبة من السواحل المصرية والشامية ، وكانت في القاهرة- كما يذكر المقريزي – سوق مخصصة لاستقبال تجار الرخام الوافدين من الخارج ، وكان يطلق عليه (فندق الرخام) وكانت هناك سوق لتجارة القطع الرخامية الصغيرة تسمى "سوق الخردفوشية" كان يتجمع فيه أرباب الصنعة من جميع أنحاء البلاد .
ومن جهة أخرى اتجه السلاطين إلى استخدام الرخام القديم من عمائر أسلافهم ، كما فعل السلطان بيبرس عندما أراد بناء مسجده فكتب بإحضار أعمدة من الرخام من سائر البلاد . وكان السلطان "الغوري" أكثر السلاطين الذين قاموا بنقل الرخام من الأبنية السالفة لعصرهم واستخدامهافي منشآته وإصلاحاته المعمارية المختلفة.
وقد استخدم المرخمون في العصر الإسلامي طرقاً صناعية متعددة في استخدام الرخام ، ومنها "التكسية" بأشرطة من الرخام الأبيض والأسود المتبادلة ، وكانت تلصق على واجهة الجدران بمونة من اللحام السميك المركب من الجص .
كما استعملت طريقة التلبيس وكانت تستخدم عادة في الأشكال الهندسية ذات الزخارف متوازية ومتقاطعةالخطوط.
كما استخدم "التعشيق" و"الحز والتنزيل" وهي طرق خاصة بتطعيم الرخام الأبيض بقطع أخرى ملونة، أو بمعجون أحمر وأسود ، حيث يقوم المرخم برسم الشكل المطلوب على لوح الرخام ، ثم يستعمل الأزميل في الحفر لإزالةطبقة ليست عميقة ، ثم ينزل بقية القطعة ذات الشكل المطلوب على وسادة من الجص سريع الشك وتناسب هذه الطريقة ألواح الرخام الصغيرة ، في أشكال هندسية ، دقيقة تستخدم كالفسيفساء ويطلق عليها الرخام "الخردة" .
واتخذت الأشكال الزخرفية في ذلك العصر أسماء خاصة بالصنعة ، فأطلق عليها المنطقة المستطيلة اسم "مرتبة" والمنطقة المستديرة اسم "مدورة" . أما طريقة تجميع قطع الرخام الخردة في أشكال هندسية فكان يطلق عليها "رخام ضرب الخيط".
وقد سجلت بعض القطع الرخامية توقيعات صناعها من المرخمين ، مثل علىبن عمر الذي نحت التركيبة الرخامية على قبر القاصد سنة 1335 م ، كذلك سجل "محمد بن أحمد" , "أحمد زغلي الشامي" توقيعيهما على جانب باب قصر قوصون سنة 1338م، وسجل كلاً من "محمد بن الفراز" الذي بنى منارتي جامع المؤيد ، و"عبد القادر النقاش" ، وهما من تيار النقاشين توقيعيهما على رخام المنارتين.
وتوجد في متحف الفن الإسلامي في القاهرة تركيبة قبر مستطيلة من الرخام منقوش على جوانبها الأربعة بالحرف البارز اسم الأمير "خضا بردي الظاهري" وتوقيع الصانع "أحمد بن الحجار".
كما أورد المؤرخون أسماء بعض المرخمين الأخرين، أمثال المعلم محمد بن أحمد بن يحيى المرخم، والمعلم يوسف بن إبراهيم المرخم، والمعلم عبد القادر بن محمد المرخم المعروف بالبساطي.
تكسية الرخام . . وجماليات الزخرفة الإسلامية
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
يعطيك الف عافيه يارب ..
مجهود مميز . . يعطيگكِ آلعـآفيههٓ ..
وديٍ ..}
تسلم الايادي
ربي يعطيك العافية
تكسية الرخام . . وجماليات الزخرفة الإسلامية
مششكورة ميسو