الأصل اللغوي لمادة (فتح) يدل على خلاف الإغلاق، يقال: فتحت الباب وغيره فتحاً. وبابٌ فَتْحٌ: مفتوح في عامة الأحوال، وباب غَلْق خلافه. ثم يُحمل على هذا المعنى المادي سائر المعاني المعنوية، فيقال: فتح الله عليه في العلم، وفتح الله عليه باب الرزق…والفتح: الحكم، والله تعالى الفاتح، أي: الحاكم، وفتح القضية فِتاحاً: فصل الأمر فيها، وأزال الإغلاق عنها. والفتح: الماء يخرج من عين أو غيرها، والاستفتاح: طلب الفتح، والمفتح والمفتاح: ما يفتح به، وجمعه: مفاتيح، ومفاتح.
ولفظ (الفتح) ورد في القرآن الكريم في ثمانية وثلاثين موضعاً (38)، جاء في عشرين موضعاً بصيغة الفعل، من ذلك قوله عز وجل: {ربنا افتح بيننا وبين قومنا بالحق} (الأعراف:89)، وجاء في ثمانية عشر موضعاً بصيغة الاسم، من ذلك قوله عز وجل: {فعسى الله أن يأتي بالفتح} (المائدة:52). وفي القرآن الكريم سورة برأسها اسمها سورة (الفتح).
ولفظ (الفتح) جاء في القرآن الكريم على خمسة معان رئيسة:
الأول: بمعنى الفتح المادي، من ذلك قوله سبحانه في حق أصحاب النار: {حتى إذا جاءوها فتحت أبوابها} (الزمر:71)، أي: فُتحت أبواب النار ليدخل منها الكافرون والعاصون. ومثل ذلك قوله تعالى في حق أصحاب الجنة: {حتى إذا جاءوها وفتحت أبوابها} (الزمر:73)، أي: فتحت أبواب الجنة ليدخل منها المؤمنون الذين عملوا الصالحات. وبحسب هذا المعنى أيضاً قوله عز وجل: {ولما فتحوا متاعهم} (يوسف:65)، المراد هنا الأمتعة التي كان يحملها إخوة يوسف في سفرهم.
الثاني: بمعنى القضاء والحكم، من ذلك قوله تعالى: {إنا فتحنا لك فتحا مبينا} (الفتح:1)، قال الطبري: إنا حكمنا لك يا محمد حكماً لمن سمعه، أو بلَّغه على من خالفك وناصبك من كفار قومك، وقضينا لك عليهم بالنصر والظفر. ومن هذا القبيل قوله عز وجل: {ثم يفتح بيننا بالحق} (سبأ:26)، أي: يقضي بيننا. وقوله تعالى في ختام الآية نفسها: {وهو الفتاح العليم} (سبأ:26)، عن ابن عباس رضي الله عنهما، قوله سبحانه: {وهو الفتاح العليم}، يقول: القاضي. وعلى هذا المعنى أيضاً قوله عز وجل: {قل يوم الفتح} (السجدة:29)، أي: متى يجيء هذا الحكم بيننا وبينكم، يعنون العذاب. قال قتادة: و(الفتح) في كلام العرب: هو القضاء، واستدل له بقوله تعالى: {ربنا افتح بيننا وبين قومنا بالحق وأنت خير الفاتحين} (الأعراف:89).
الثالث: بمعنى النصر، من ذلك قوله تبارك وتعالى: {فإن كان لكم فتح من الله} (النساء:141)، أي: نصر، وتأييد، وظفر. ونحو هذا قوله سبحانه: {إن تستفتحوا فقد جاءكم الفتح} (الأنفال:19)، الاستفتاح: طلب النصر، أي: إن تستنصروا فقد جاءكم النصر.
الرابع: بمعنى الإرسال، من ذلك قوله عز وجل: {ما يفتح الله للناس من رحمة فلا ممسك لها} (فاطر:2)، أي: ما يرسل الله للناس من رزق وخير، والدليل هنا على أن (الفتح) بمعنى (الإرسال) قوله سبحانه في الآية نفسها: {وما يمسك فلا مرسل له من بعده} (فطر:2)، فمعنى (الإرسال) هنا مستفاد من السياق. وذكر بعض أهل العلم أن من هذا الباب قوله سبحانه: {ولو فتحنا عليهم بابا من السماء} (الحجر:14)، أي: أرسلنا عليهم باباً. ونحوه قوله عز وجل: {حتى إذا فتحنا عليهم بابا ذا عذاب شديد} (المؤمنون:77).
الخامس: بمعنى فتح مكة خاصة، من ذلك قوله تعالى: {فعسى الله أن يأتي بالفتح} (المائدة:52)، المراد هنا فتح مكة. ومن هذا القبيل قوله عز وجل: {لا يستوي منكم من أنفق من قبل الفتح وقاتل} (الحديد:10)، المراد بـ (الفتح) هنا: فتح مكة. قال ابن كثير: "والجمهور على أن المراد بـ (الفتح) ها هنا فتح مكة. وعن الشعبي وغيره أن المراد بـ (الفتح) ها هنا: صلح الحديبية"، وبقول الشعبي قال الطبري.
والمتتبع لمساقات لفظ (الفتح) في القرآن الكريم يجد أن هذا اللفظ جاء على معنيين رئيسين: الفتح المادي، وهو الأصل في معنى الفتح لغة، والفتح المعنوي، وأكثر ما جاء هذا اللفظ بحسب هذا المعنى الأخير، وجاء بدرجة أقل بمعنى الفتح المادي.
يسلموو الايادي لصمتي
عَلَى الطَّرْحِ الْقَيِّمِ وَجَعَلَهُ فِي مِيزَانِ حَسَنَاتِكَ ،،
وَأَلْبَسُكَ لِبَاسَ التَّقْوَى وَالْغُفْرَانِ وَجَعَلَكَ مِمَّنْ يُظِلُّهُمْ اللَّهُ
فِي يَوْمِ لَا ظِلَّ إلاظله وَعُمَرُ اللهُ قَلْبُكَ بِالْإيمَانِ ،،
عَلَى طَرْحِكَ الْمَحْمَلِ بِنَفْحَاتٍ إيمانية وَلَا حَرَّمَكَ الاجر ,,