فَرِحَ الْمُخَلَّفُونَ بِمَقْعَدِهِمْ خِلاَفَ رَسُولِ اللّهِ وَكَرِهُواْ أَن يُجَاهِد 2024.

الضيقين..

ضاقت الأرض بما رحبت.. على فئتين من الصحابة.. هم من أفضل القرون..

الفئة الأولى لا تخالكم..

رجل هو كعب بن مالك.. هجره قومه خمسين يوماً.. لا يكلمه أحد.. حتى قال الله عنه وعن مثله.. { حَتَّى إِذَا ضَاقَتْ عَلَيْهِمُ الأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ }..

لأنه رجل وحيد.. أمضى شهرين إلا عشرة أيام في شبه سجن انفرادي وحيدا أفلا تضيق عليه الأرض ؟! بلى..

ضاقت لأنه لا مؤانس له.. والإنسان مدنيٌ بطبعه أليس كذلك ؟!

الجواب .. كلا.. ليس كذلك..

حتى لو كنت بين ألف رجل.. أو ألفين من الرجال.. أو حتى كنت بين اثنا عشر ألفا من الرجال – عدد جيش حنين – تتسامرون وتأنسون.. فإن الأرض تضيق بك.. ولا يغني عنك من الله أحد.. ولن تجد من دونه ملتحدا..

وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنكُمْ شَيْئًا وَضَاقَتْ عَلَيْكُمُ الأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ

فلا تغني الكثرة عنك من الله شيئا إن أراد أن يضيق علي هذه الأرض الرحبة..

إذن.. فلتطلب.. الرحابة والسعة والسعادة من الله وحده.. فتيقن بأن لا ملجأ من الله إلا إليه.. حينها تسعد.. وتأنس.. فإنه الركن الشديد إن خانتك أركانُ ..

وإليك سياق الآيات.. وتأملها..

وَعَلَى الثَّلاَثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُواْ حَتَّى إِذَا ضَاقَتْ عَلَيْهِمُ الأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ وَضَاقَتْ عَلَيْهِمْ أَنفُسُهُمْ وَظَنُّواْ أَن لاَّ مَلْجَأَ مِنَ اللّهِ إِلاَّ إِلَيْهِ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ لِيَتُوبُواْ إِنَّ اللّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ (118)
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ وَكُونُواْ مَعَ الصَّادِقِينَ (119)

لَقَدْ نَصَرَكُمُ اللّهُ فِي مَوَاطِنَ كَثِيرَةٍ وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنكُمْ شَيْئًا وَضَاقَتْ عَلَيْكُمُ الأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُم مُّدْبِرِينَ (25)
ثُمَّ أَنَزلَ اللّهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَأَنزَلَ جُنُودًا لَّمْ تَرَوْهَا وَعذَّبَ الَّذِينَ كَفَرُواْ وَذَلِكَ جَزَاء الْكَافِرِينَ (26)
ثُمَّ يَتُوبُ اللّهُ مِن بَعْدِ ذَلِكَ عَلَى مَن يَشَاء وَاللّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ (27)

أما الفرحين..

فليخسأ مردة النفاق من أهل المدينة.. وغير المدينة..

نحن هنا نتمنى تقبيل قدم الرسول الذي اشتاق للقائنا.. والانضمام لجيشه.. وهم يفرحون لمخالفتهم أمره والتحايل عليه..

الم يقل صلى الله عليه وسلم { وددت لو رأيت إخواني } قالوا ألسنا إخوانك يا رسول الله ؟ قال : { أنتم أصحابي ، وإخواني لما يأتوا بعد } أو كما جاء في الحديث ..

الفرح الأول المذموم الممحوق / فرح ألوا الطول وأصحاب التجارة والموسرين من أهل النفاق..

فَرِحَ الْمُخَلَّفُونَ بِمَقْعَدِهِمْ خِلاَفَ رَسُولِ اللّهِ وَكَرِهُواْ أَن يُجَاهِدُواْ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَقَالُواْ لاَ تَنفِرُواْ فِي الْحَرِّ قُلْ نَارُ جَهَنَّمَ أَشَدُّ حَرًّا لَّوْ كَانُوا يَفْقَهُونَ (81)

والفرح الخالد الباقي عن قوم لم ينساهم الرسول صلى الله عليه وسلم /

مَا كَانَ لِأَهْلِ الْمَدِينَةِ وَمَنْ حَوْلَهُم مِّنَ الأَعْرَابِ أَن يَتَخَلَّفُواْ عَن رَّسُولِ اللّهِ وَلاَ يَرْغَبُواْ بِأَنفُسِهِمْ عَن نَّفْسِهِ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ لاَ يُصِيبُهُمْ ظَمَأٌ وَلاَ نَصَبٌ وَلاَ مَخْمَصَةٌ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَلاَ يَطَؤُونَ مَوْطِئًا يَغِيظُ الْكُفَّارَ وَلاَ يَنَالُونَ مِنْ عَدُوٍّ نَّيْلاً إِلاَّ كُتِبَ لَهُم بِهِ عَمَلٌ صَالِحٌ إِنَّ اللّهَ لاَ يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ (120)
وَلاَ يُنفِقُونَ نَفَقَةً صَغِيرَةً وَلاَ كَبِيرَةً وَلاَ يَقْطَعُونَ وَادِيًا إِلاَّ كُتِبَ لَهُمْ لِيَجْزِيَهُمُ اللّهُ أَحْسَنَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ (121)

ولم يفرح صاحبكم.. وإخوته فرحا مثل الفرح بأن عسى من الله واجبة..